محمد بن مسلم عن إبراهيم بن ميسرة قال سمعت مجاهدا يقول: ما على ظهر الأرض من بيت شعر أو مدر إلا وملك الموت يطرف به كل يوم مرتين وقال كعب الأحبار والله ما من بيت فيه أحد من أهل الدنيا إلا وملك الموت يقوم على بابه كل يوم سبع مرات ينظر هل فيه أحد أمر أن يتوقاه. رواه ابن أبي حاتم وقوله تعالى (ثم إلى ربكم ترجعون) أي يوم معادكم وقيامكم من قبوركم لجزائكم).
ولو ترى إذ المجرمون ناكسوا رؤوسهم عند ربهم ربنا أبصرنا فارجعنا نعمل صلحا إنا موقنون (12) ولو شئنا لاتينا كل نفس هديها ولكن حق القول منى لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين فذوقوا بما نسيتم لقاء يومكم هذا إنا نسينكم وذوقوا عذاب الخلد بما كنتم تعملون (14) يخبر تعالى عن حال المشركين يوم القيامة وقالهم حين عاينوا البعث وقاموا بين يدي الله عز وجل حقيرين ذليلين ناكسي رؤوسهم أي من الحياء والخجل يقولون (ربنا أبصرنا وسمعنا) أي نحن الآن نسمع قولك ونطيع أمرك كما قال تعالى (أسمع بهم أبصر يوم يأتوننا) وكذلك يعودون على أنفسهم بالملامة إذا دخلوا النار بقولهم (لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير) وهكذا هؤلاء يقولون (ربنا أبصرنا وسمعنا فارجعنا) أي إلى الدنيا (نعمل صالحا إنا موقنون) أي قد أيقنا وتحققنا فيها أن وعدك حق ولقاءك حق وقد علم الرب تعالى منهم أنه لو أعادهم إلى دار الدنيا لكانوا كما كانوا فيها كفارا يكذبون بآيات الله ويخالفون رسله كما قال تعالى (ولو ترى إذ وقفوا على النار فقالوا يا ليتنا نرد ولا نكذب بآيات ربنا) الآية وقال ههنا (ولو شئنا لآتينا كل نفس هداها) كما قال تعالى (ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعا) (ولكن حق القول مني لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين) أي من الصنفين فدارهم النار لا محيد لهم عنها ولا محيص لهم منها نعوذ بالله وكلماته التامة من ذلك. (فذوقوا بما نسيتم لقاء يومكم هذا) أي يقال لأهل النار على سبيل التقريع والتوبيخ ذوقوا هذا هذا العذاب بسبب تكذيبكم به واستبعادكم وقوعه وتناسيكم له إذا عاملتموه معاملة من هو ناس له (إنا نسيناكم) أي سنعاملكم معاملة الناسي لأنه تعالى لا ينسى شيئا ولا يضل عنه شئ بل من باب المقابلة كما قال تعالى (فاليوم ننساكم نسيتم لقاء يومكم هذا) وقوله تعالى (وذوقوا عذاب الخلد بما كنتم تعملون) أي بسبب كفركم وتكذيبكم كما قال في الآية الأخرى (لا يذوقون فيها بردا ولا شرابا * إلا حميما وغساقا) - إلى قوله - (فلن نزيدكم إلا عذابا).
إنما يؤمن بآياتنا الذين إذا ذكروا بها خروا سجدا وسبحوا بحمد ربهم وهم لا يستكبرون (15)! تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفا وطمعا ومما رزقناهم ينفقون (16) فلا تعلم نفس ما أخفى لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون (17) يقول تعالى (إنما يؤمن بآياتنا) أي إنما يصدق بها (الذين إذا ذكروا بها خروا سجدا) أي استمعوا لها وأطاعوها قولا وفعلا (وسبحوا بحمد ربه وهم لا يستكبرون) أي عن اتباعها والانقياد لها كما يفعله الجهلة من الكفرة الفجرة قال الله تعالى (إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين). ثم قال تعالى (تتجافى جنوبهم عن المضاجع) يعني بذلك قيام الليل وترك النوم والاضطجاع على الفرش الوطيئة قال مجاهد والحسن في قوله تعالى (تتجافى جنوبهم عن المضاجع) يعني بذلك قيام الليل وعن أنس وعكرمة ومحمد بن المنكدر وأبي حازم وقتادة هو الصلاة بين العشاءين وعن أنس أيضا هو انتظار صلاة العتمة رواه ابن جرير بإسناد جيد وقال الضحاك وهو صلاة العشاء في جماعة وصلاة الغداة في جماعة (يدعون ربهم خوفا وطمعا) أي خوفا من وبال عقابه وطمعا في جزيل ثوابه (ومما رزقناهم ينفقون) فيجمعون بين فعل القربات اللازمة والمتعدية ومقدم هؤلاء وسيدهم وفخرهم في الدنيا والآخرة رسول الله صلى الله عليه وسلم كما قال عبد الله بن رواحة