صلى الله عليه وسلم " الوائدة والموؤدة في النار " ثم قال الشعبي حدثني به علقمة عن أبي وائل عن ابن مسعود وقد رواه جماعة عن داود بن أبي هند عن الشعبي عن علقمة عن سلمة بن قيس الأشجعي قال: أتيت أنا وأخي النبي صلى الله عليه وسلم فقلنا إن أمنا ماتت في الجاهلية وكانت تقري الضيف وتصل الرحم وأنها وأدت أختا لنا في الجاهلية لم تبلغ الحنث فقال " الوائدة والموؤدة في النار إلا أن تدرك الوائدة الاسلام فتسلم " وهذا إسناد حسن.
" والقول الثالث " التوقف فيهم واعتمدوا على قوله صلى الله عليه وسلم " الله أعلم بما كانوا عاملين " وهو في الصحيحين من حديث جعفر بن أبي أياس عن سعيد بن جبير عن ابن عباس سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أولاد المشركين قال " الله أعلم بما كانوا عاملين " وكذلك هو في الصحيحين من حديث الزهري عن عطاء بن يزيد وعن أبي سلمة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سئل عن أطفال المشركين فقال " الله أعلم بما كانوا عاملين " ومنهم من جعلهم من أهل الأعراف وهذا القول يرجع إلى قول من ذهب إلى أنهم من أهل الجنة لان الأعراف ليس دار قرار ومآل أهلها إلى الجنة كما تقدم تقرير ذلك في سورة الأعراف والله أعلم.
" فصل " وليعلم أن هذا الخلاف مخصوص بأطفال المشركين فأما ولدان المؤمنين فلا خلاف بين العلماء كما حكاه القاضي أبو يعلى بن الفراء الحنبلي عن الإمام أحمد أنه قال: لا يختلف فيهم أنهم من أهل الجنة وهذا هو المشهور بين الناس وهو الذي نقطع به إن شاء الله عز وجل. فأما ما ذكره الشيخ أبو عمر بن قال أبو عمر بن عبد البر عن بعض العلماء أنهم توقفوا في ذلك وأن الولدان كلهم تحت المشيئة، قال أبو عمر ذهب إلى هذا القول جماعة من أهل الفقه والحديث منهم حماد بن زيد وحماد بن سلمة وابن المبارك وإسحاق بن راهويه وغيرهم قال وهو يشبه ما رسم مالك في موطئه في أبواب القدر وما أورده من الأحاديث في ذلك وعلى ذلك أكثر أصحابه وليس عن مالك فيه شئ منصوص إلا أن المتأخرين من أصحابه ذهبوا إلى أن أطفال المسلمين في الجنة وأطفال المشركين خاصة في المشيئة انتهى كلامه وهو غريب جدا. وقد ذكر أبو عبد الله القرطبي في كتاب التذكرة نحو ذلك أيضا والله أعلم. وقد ذكروا في ذلك أيضا حديث عائشة بنت طلحة عن عائشة أم المؤمنين قالت: دعي النبي صلى الله عليه وسلم إلى جنازة صبي من الأنصار فقلت يا رسول الله طوبى له عصفور من عصافير الجنة لم يعمل السوء ولم يدركه فقال " أو غير ذلك يا عائشة إن الله خلق الجنة وخلق لها أهلا وهم في أصلاب آبائهم وخلق النار وخلق لها أهلا وهم في أصلاب آبائهم " رواه مسلم وأحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجة.
ولما كان الكلام في هذه المسألة يحتاج إلى دلائل صحيحة جيدة وقد يتكلم فيها من لا علم عنده عن الشارع كره جماعة من العلماء الكلام فيها روي ذلك عن ابن عباس والقاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق ومحمد بن الحنفية وغيرهم. وأخرج ابن حبان في صحيحه عن جرير بن حازم سمعت أبا رجاء العطاردي سمعت ابن عباس رضي الله عنهما وهو على المنبر يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا يزال أمر هذه الأمة مواتيا أو مقاربا ما لم يتكلموا في الولدان والقدر " قال ابن حبان يعني أطفال المشركين وهكذا رواه أبو بكر البزار من طريق جرير ابن حازم به ثم قال وقد رواه جماعة عن أبي رجاء عن ابن عباس موقوفا.
وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميرا (16) اختلف القرا ء في قراءة قوله " أمرنا " فالمشهور قراءة التخفيف واختلف المفسرون في معناها فقيل معناه أمرنا مترفيها ففسقوا فيها أمرا قدريا كقوله تعالى " أتاها أمرنا ليلا أو نهارا " إن الله لا يأمر بالفحشاء قالوا معناه أنه سخرهم إلى فعل الفواحش فاستحقوا العذاب وقيل معناه أمرناهم بالطاعات ففعلوا الفواحش فاستحقوا العقوبة.
رواه ابن جريج عن ابن عباس وقاله سعيد بن جبير أيضا وقال ابن جرير يحتمل أن يكون معناه جعلناهم أمراء