جهل بعد ذلك فشق ذلك على أبي بكر مشقة شديدة فقال له عمر يا خليفة رسول الله إنها ليست من نسائه إنها لم يخيرها رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يحجبها وقد برأها الله منه بالردة التي ارتدت مع قومها قال فاطمأن أبو بكر رضي الله عنه وسكن وقد عظم الله تبارك وتعالى ذلك وشدد فيه وتوعد عليه بقوله (إن ذلكم كان عند الله عظيما) ثم قال تعالى (إن تبدوا شيئا أو تخفوه فإن الله كان بكل شئ عليما) أي مهما تكنه ضمائركم وتنطوي عليه سرائركم فإن الله يعلمه فإنه لا تخفى عليه خافية (يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور).
لا جناح عليهن فئ ابائهن ولا أبنائهن ولا اخوانهن ولا أبناء أخواتهن ولا نسائهن ولا ما ملكت أيمانهن واتقين الله إن الله كان على كل شئ شهيدا (55) لما أمر تبارك وتعالى النساء بالحجاب من الأجانب بين أن هؤلاء الأقارب لا يجب الاحتجاب منهم كما استثناهم في سورة النور عند قوله تعالى (ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو آباءهن أو آباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو إخوانهن أو بني أخواتهن أو بني أخواتهن أو نسائهن أو ما ملكت أيمانهن أو التابعين غير أولي الإربة من الرجال أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء) وفيها زيادات على هذه وقد تقدم تفسيرها والكلام عليها بما أغنى عن إعادته ههنا وقد سأل بعض السلف فقال: لم لم يذكر العم والخال في هاتين الآيتين؟ فأجاب عكرمة والشعبي بأنهما لم يذكرا لأنهما قد يصفان ذلك لبنيهما قال ابن جرير حدثني محمد بن المثنى حدثنا حجاج بن منهال حدثنا حماد حدثنا داود عن الشعبي وعكرمة في قوله تعالى: (لا جناح عليهن في آبائهن) الآية قلت ما شأن العم والخال لم يذكرا؟ قال لأنهما ينعتانها لأبنائهما وكرها أن تضع خمارها عند خالها وعمها وقوله تعالى: (ولا نسائهن) يعني بذلك عدم الاحتجاب من النساء المؤمنات وقوله تعالى (وما ملكت أيمانهن) يعني به أرقاءهن من الذكور والإناث كما تقدم التنبيه عليه وإيراد الحديث فيه قال سعيد بن المسيب إنما يعنى به الإماء فقط رواه ابن أبي حاتم وقوله تعالى: (واتقين الله إن الله كان على كل شئ شهيدا) أي واخشينه في الخلوة والعلانية فإنه شهيد على كل شئ لا تخفى عليه خافية فراقبن الرقيب.
إن الله وملئكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما (56) قال البخاري: قال أبو العالية صلاة الله تعالى ثناؤه عليه عند الملائكة صلاة الملائكة الدعاء وقال ابن عباس: يصلون يبركون هكذا علقه البخاري عنهما وقد رواه أبو جعفر الرازي عن الربيع بن أنس عن أبي العالية كذلك وروي مثله عن الربيع أيضا وروى علي بن أبي طلحة عن ابن عباس كما قاله سواء رواهما ابن أبي حاتم وقال أبو عيسى الترمذي وروي عن سفيان الثوري وغير واحد من أهل العلم قالوا: صلاة الرب الرحمة وصلاة الملائكة الاستغفار ثم قال ابن أبي حاتم حدثنا عمرو الأودي حدثنا وكيع عن الأعمش عن عمرو بن مرة قال الأعمش أراه عن عطاء بن أبي رباح (إن الله وملائكته يصلون على النبي) قال صلاته تبارك وتعالى سبوح قدوس سبقت رحمتي غضبي والمقصود من هذه الآية أن الله سبحانه وتعالى أخبر عباده بمنزلة عبده ونبيه عنده في الملا الاعلى بأنه يثني عليه عند الملائكة المقربين وأن الملائكة تصلي عليه ثم أمر تعالى أهل العالم السفلي بالصلاة والتسليم عليه ليجتمع الثناء عليه من أهل العالمين العلوي والسفلي جميعا وقد قال ابن أبي حاتم حدثنا علي بن الحسين حدثنا أحمد بن عبد الرحمن حدثني أبي عن أبيه عن أشعث بن إسحاق عن جعفر يعني ابن المغيرة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس أن بني إسرائيل قالوا لموسى عليه السلام هل يصلي ربك؟ فناداه ربه عز وجل: يا موسى سألوك هل يصلي ربك فقل نعم أنا أصلي وملائكتي على أنبيائي ورسلي فأنزل الله عز وجل على نبيه صلى الله عليه وسلم (إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما)