وكان مولى لامرأة حذيفة بن اليمان فجاء يوما إلى السوق وأثر الحناء في يده فسألته عن ذلك فأخبرني أنه خضب رأس مولاته وهي امرأة حذيفة فأنكرت ذلك فقال إن شئت أدخلتك عليها فعلت نعم فأدخلني عليها فإذا هي امرأة جليلة فقلت لها إن مسلما حدثني أنه خضب رأسك فقالت نعم يا بني إني من القواعد اللاتي لا يرجون نكاحا وقد قال الله تعالى في ذلك ما سمعت. وقوله " وأن يستعففن خير لهن " أي وترك وضعهن لثيابهن، وإن كان جائزا خير وأفضل لهن والله سميع علم.
ليس على الأعمى حرج ولا على الأعرج حرج ولا على المريض حرج ولا على أنفسكم أن تأكلوا من بيوتكم أو بيوت آبائكم أو بيوت أمهاتكم أو بيوت إخوانكم أو بيوت أخواتكم أو بيوت أعمامكم أو بيوت عمتكم أو بيوت أخوالكم أو بيوت خالاتكم أو ما ملكتم مفاتحه أو صديقكم ليس عليكم جناح أن تأكلوا جميعا أو أشتاتا فإذا دخلتم بيوتا فسلموا على أنفسكم تحية من عند الله مباركة طيبة كذلك يبين الله لكم الآيات لعلكم تعقلون (61) اختلف المفسرون رحمهم الله في المعنى الذي رفع لأجله الحرج عن الأعمى والأعرج والمريض ههنا فقال عطاء الخراساني وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم يقال إنها نزلت في الجهاد وجعلوا هذه الآية ههنا كالتي في سورة الفتح وتلك في الجهاد لا محالة أي أنهم لا إثم عليهم في ترك الجهاد لضعفهم وعجزهم وكما قال تعالى في سورة براءة " ليس على الضعفاء ولا على المرضى ولا على الذين لا يجدون ما ينفقون حرج إذا نصحوا لله ورسوله ما على المحسنين من سبيل والله غفور رحيم * ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم قلت لا أجد ما أحملكم عليه - إلى قوله - أن لا يجدوا ما ينفقون " وقيل المراد ههنا أنهم كانوا يتحرجون من الاكل مع الأعمى لأنه لا يرى الطعام وما فيه من الطيبات فربما سبقه غيره إلى ذلك ولا مع الأعرج لأنه لا يتمكن من الجلوس فيقتات عليه جليسه والمريض لا يستوفي من الطعام كغيره فكرهوا أن يؤاكلوهم لئلا يظلموهم فأنزل الله هذه الآية رخصة في ذلك وهذا قول سعيد بن جبير ومقسم، وقال الضحاك كانوا قبل البعثة يتحرجون من الاكل مع هؤلاء تقذرا وتعززا ولئلا يتفضلوا عليهم فأنزل الله هذه الآية، وقال عبد الرزاق أخبرنا معمر عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله تعالى " ليس على الأعمى حرج " الآية قال كان الرجل يذهب بالأعمى أو بالأعرج أو بالمريض إلى بيت أبيه أو أخيه أو بيت أخته أو بيت عمته أو بيت خالته فكان الزمنى يتحرجون من ذلك يقولون إنما يذهبون بنا إلى بيوت عشيرتهم فنزلت هذه الزمنى يتحرجون من ذلك يقولون إنما يذهبون بنا إلى بيوت عشيرتهم فنزلت هذه الآية رخصة لهم، وقال السدي كان الرجل يدخل بيت أبيه أو أخيه أو ابنه فتتحفه المرأة بشئ من الطعام فلا يأكل من أجل أن رب البيت ليس ثم فقال الله تعالى " ليس على الأعمى حرج " الآية وقوله تعالى " ولا على أنفسكم أن تأكلوا من بيوتكم " إنما ذكر هذا وهو معلوم ليعطف عليه غيره في اللفظ وليساوي به ما بعده في الحكم وتضمن هذا بيوت الأبناء لأنه لم ينص عليهم ولهذا استدل بهذا من ذهب إلى أن مال الولد بمنزله مال أبيه، وقد جاء في المسند والسنن من غير وجه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال " أنت ومالك لأبيك " وقوله " أو بيوت آبائكم أو بيوت أمهاتكم - إلى قوله - أو ما ملكتم مفاتحه " هذا ظاهر وقد يستدل به من يوجب نفقة الأقارب بعضهم على بعض كما هو مذهب أبي حنيفة والإمام أحمد بن حنبل في المشهور عنهما، وأما قوله " أو ما ملكتم مفاتحه " فقال سعيد بن جبير والسدي: هو خادم الرجل من عبد وقهرمان فلا بأس أن يأكل مما استودعه من الطعام بالمعروف، وقال الزهري: عن عروة عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان المسلمون يذهبون في النفير مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فيدفعون مفاتحهم إلى ضمنائهم ويقولون قد أحللنا لكم أن تأكلوا مما احتجتم إليه فكانوا يقولون إنه لا يحل لنا أن نأكل، إنهم أذنوا لنا عن غير طيب أنفسهم، وإنما نحن أمناء فأنزل الله " أو ما ملكتم مفاتحه " وقوله " أو صديقكم " أي بيوت أصدقائكم وأصحابكم فلا جناح عليكم في الاكل منها إذا علمتم أن ذلك لا يشق عليهم