تعالى (وإذا النفوس زوجت) وقوله تعالى (فهم يوزعون) قال ابن عباس رضي الله عنهما: يدفعون وقال قتادة وزعه ترد أولهم على آخرهم وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم يساقون (حتى إذا جاءوا) ووفقوا بين يدي الله عز وجل في مقام المسألة (قال أكذبتم بآياتي ولم تحيطوا بها علما أم ماذا كنتم تعملون) أي فيسئلون عن إعتقادهم وأعمالهم فلما لم يكونوا من أهل السعادة وكانوا كما قال الله عنهم (فلا صدق ولا صلى * ولكن كذب وتولى) فحينئذ قامت عليهم الحجة ولم يكن لهم عذر يعتذرون به كما قال الله تعالى (هذا يوم لا ينطقون * ولا يؤذن لهم فيعتذرون) الآية وهكذا قال ههنا (ووقع القول عليهم بما ظلموا فهم لا ينطقون) أي بهتوا فلم يكن له جواب لانهم كانوا في الدار الدنيا ظلمة لأنفسهم وقد ردوا إلى عالم الغيب والشهادة الذي لا تخفى عليه خافية.
ثم قال تعالى منبها على قدرته التامة وسلطانه العظيم وشأنه الرفيع الذي تجب طاعته والانقياد لأوامره وتصديق أنبيائه فيما جاءوا به من الحق الذي لا محيد عنه (ألم يروا أنا جعلنا الليل ليسكنوا فيه) أي في ظلام الليل لتسكن حركاتهم بسببه وتهدأ أنفاسهم ويستريحون من نصب التعب في نهارهم (والنهار مبصرا) أي منيرا مشرقا فبسبب ذلك يتصرفون في المعايش والمكاسب والاسفار والتجارات وغير ذلك من شؤونهم التي يحتاجون إليها (إن في ذلك لآيات لقوم يؤمنون).
ويوم ينفخ في الصور ففزع من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله وكل أتوه داخرين (87) وترى الجبال تحسبها جامدة وهى تمر مر السحاب صنع الله الذي اتقن كل شئ إنه خبير بما تفعلون (88) من جاء بالحسنة فله خير منها وهم من فزع يومئذ آمنون (89) ومن جاء بالسيئة فكبت وجوههم في النار هل تجزون إلا ما كنتم تعملون (90) يخبر تعالى عن هول يوم نفخة الفزع في الصور وهو كما جاء في الحديث قرن ينفخ فيه وفي حديث الصور إن إسرافيل هو الذي ينفخ فيه بأمر الله تعالى فينفخ فيه أولا نفخة الفزع ويطولها وذلك في آخر عمر الدنيا حين تقوم الساعة على شرار الناس من الاحياء فيفزع من في السماوات ومن في الأرض (إلا من شاء الله) وهم الشهداء فإنهم أحياء عند ربهم يرزقون قال الإمام مسلم بن الحجاج حدثنا عبيد الله بن معاذ العنبري حدثنا أبي حدثنا شعبة عن النعمان بن سالم سمعت يعقوب بن عاصم بن عروة بن مسعود الثقفي سمعت عبد الله بن عمرو رضي الله عنه وجاءه رجل فقال ما هذا الحديث الذي تحدث أن الساعة تقوم إلى كذا وكذا؟ فقال سبحان الله؟ أو لا إله إلا الله أو كلمة نحوهما لقد هممت أن لا أحدث أحدا شيئا أبدا إنما قلت إنكم سترون بعد قليل أمرا عظيما يخرب البيت ويكون ويكون - ثم قال - قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " يخرج الدجال في أمتي فيمكث أربعين - لا أدري أربعين يوما أو أربعين شهرا أو أربعين عاما - فيبعث الله عيسى ابن مريم كأنه عروة بن مسعود فيطلبه فيهلكه ثم يمكث الناس سبع سنين ليس بين اثنين عداوة ثم يرسل الله ريحا باردة من قبل الشام فلا يبقى على وجه الأرض أحد في قلبه مثقال ذرة من خير أو إيمان إلا قبضته حتى لو أن أحدكم دخل في كبد جبل لدخلته عليه حتى تقبضه " قال سمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " فيبقى شرار الناس في خفة الطير وأحلام السباع لا يعرفون معروفا ولا ينكرون منكرا فيتمثل لهم الشيطان فيقول ألا تستجيبون فيقولون فما تأمرنا؟ فيأمرهم بعبادة الأوثان وهم في ذلك دار رزقهم حسن عيشهم ثم ينفخ في الصور فلا يسمعه أحد إلا أصغى ليتا ورفع ليتا - قال - وأول من يسمعه رجل يلوط حوض إبله قال فيصعق ويصعق الناس ثم يرسل الله أو قال ينزل الله مطرا كأنه الطل - أو قال الظل شعبة الشاك - فتنبت منه أجساد الناس ثم ينفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون ثم يقال يا أيها الناس هلموا إلى ربكم وقفوهم إنهم مسؤولون ثم يقال أخرجوا بعث النار فيقال من كم فيقال من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعون قال فذلك يوم يجعل الولدان شيبا وذلك يوم يكشف عن ساق " وقوله ثم ينفخ في الصور فلا يسمعه أحد إلا أصغى ليتا ورفع ليتا الليت هو صفحة