النسب المعلوم ولهذا قال تعالى: (ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله فإن لم تعلموا آباءهم فإخوانكم في الدين ومواليكم) ثم قال تعالى: (وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به) أي إذا نسبتم بعضهم إلى غير أبيه في الحقيقة خطأ بعد الاجتهاد واستفراغ الوسع فإن الله تعالى قد وضع الحرج في الخطأ ورفع إثمه كما أرشد إليه في قوله تبارك وتعالى آمرا عباده أن يقولوا (ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا) وثبت في صحيح مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " قال الله عز وجل قد فعلت ". وفي صحيح البخاري عن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران وإن اجتهد " وفي الحديث الآخر " إن الله تعالى رفع عن أمتي الخطأ والنسيان والامر الذي يكرهون عليه " وقال تبارك وتعالى ههنا (وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم وكان الله غفورا رحيما) أي وإنما الاثم على من تعمد الباطل كما قال عز وجل: (لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم) الآية. وفي الحديث المتقدم " من ادعى إلى غير أبيه وهو يعلمه إلا كفر " وفي القرآن المنسوخ فإنه كفر بكم أن ترغبوا عن آبائكم. قال الإمام أحمد حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن ابن عباس عن عمر رضي الله عنه أنه قال: إن الله تعالى بعث محمدا صلى الله عليه وسلم بالحق وأنزل معه الكتاب فكان فيما أنزل عليه آية الرجم فرجم رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجمنا بعده ثم قال قد كنا نقرأ ولا ترغبوا عن آبائكم فإنه كفر بكم أن ترغبوا عن آبائكم وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " لا تطروني كما أطري عيسى ابن مريم عليه السلام فإنما أنا عبد الله فقولوا عبده ورسوله " وربما قال معمر " كما أطرت النصارى ابن مريم " رواه في الحديث الآخر " ثلاث في الناس كفر الطعن في النسب والنياحة على الميت والاستسقاء بالنجوم ".
النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتب الله من المؤمنين والمهجرين إلا أن تفعلوا إلى أوليائكم معروفا كان ذلك في الكتب مسطورا (6) قد علم الله تعالى شفقة رسوله صلى الله عليه وسلم: على أمته ونصحه لهم فجعله أولى بهم من أنفسهم وحكمه فيهم كان مقدما على اختيارهم لأنفسهم كما قال تعالى: (فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما) وفي الصحيح " والذي نفسي بيده لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من نفسه وماله وولده والناس أجمعين " وفي الصحيح أيضا أن عمر رضي الله عنه قال: يا رسول الله والله لانت أحب إلي من كل شئ إلا من نفسي فقال صلى الله عليه وسلم " لا يا عمر حتى أكون أحب إليك من نفسك " فقال يا رسول الله والله لانت أحب إلي من كل شئ حتى من نفسي فقال صلى الله عليه وسلم " الآن يا عمر " ولهذا قال تعالى في هذه الآية (النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم) وقال البخاري عند هذه الآية الكريمة حدثنا إبراهيم بن المنذر حدثنا محمد بن فليح حدثنا أبي عن هلال بن علي عن عبد الرحمن بن أبي عمرة عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " ما من مؤمن إلا وأنا أولى الناس به في الدنيا والآخرة اقرءوا إن شئتم (النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم) فأيما مؤمن ترك مالا فليرثه عصبته من كانوا وإن ترك دينا أو ضياعا فليأتني فأنا مولاه " تفرد به البخاري ورواه أيضا في الاستقراض وابن جرير وابن أبي حاتم من طرق عن فليح به مثله ورواه أحمد من حديث أبي حصين عن أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بنحوه وقال الإمام أحمد حدثنا عبد الرزاق عن معمر عن الزهري في قوله: (النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم) عن أبي سلمة عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول " أنا أولى بكل مؤمن من نفسه فأيما رجل مات وترك دينا فإلى ومن ترك ما لا فهو لورثته " ورواه أبو داود عن أحمد بن حنبل به نحوه وقوله تعالى: (وأزواجه أمهاتهم) أي في الحرمة والاحترام والتوقير والاكرام والاعظام ولكن لا تجوز الخلوة بهن ولا ينتشر التحريم إلى بناتهن وأخواتهن بالاجماع وإن سمى بعض العلماء بناتهن أخوات المؤمنين كما هو منصوص الشافعي رضي الله عنه