إلا أن صد رسل السلطان وأنبهم على ترصيعهم وتذهيبهم للقرآن الكريم، وأمر ببيع هذه الجواهر والأحجار الكريمة وتوزيع ثمنها بين الطلاب والمساكين (1).
وكان - طاب ثراه - يجل نفسه عن موائد السلاطين ولا يعتني بصولتهم الظاهرية، مع ما تراه خاضعا في ساحة أئمة الهدى (عليهم السلام). ليس هذا فحسب، بل يعد سر توفيقه وعلة ترقيه من جهة تجليله وتبجيله للعلماء، يقول في " روضات الجنات ": إنه كتب في الجواب - لما سئل عن سر وصوله إلى هذه المرتبة العالية -:
لا أعلم من نفسي شيئا أستحق به ذلك، إلا أني لم أكن أحسب نفسي شيئا أبدا، ولا أجعلها في عداد الموجودين، ولم آل جهدا في تعظيم العلماء والمحمدة على أسمائهم، ولم أترك الاشتغال بتحصيل العلم مهما استطعت، وقدمته على كل مرحلة دائما (2).
كان بحق نزيها منزها من جميع التعلقات الظاهرية والزخارف الدنيوية، يقول لنا في " مرآة الأحوال " (3) - ما ترجمته -: لم يصرف همته العالية طوال عمره الشريف لجمع الزخارف الدنيوية التي كان يسع أقل تلامذته تحصيلها، بل لم يكن أصلا عارفا بأنواع المسكوكات المختلفة من دراهم ودنانير والفرق بينها، بل استولى عليه الابتعاد عن أصحاب المقامات الدنيوية، وأبعد نفسه الشريفة عن معاشرة أولئك إلى مصاحبة الفقراء والمساكين، حيث كان يلتذ بذلك.
ونقل في " قصص العلماء " - ما ترجمته -: إن في سنة من السنين خاطت له زوجته جبة في أيام الشتاء فلبسها طاب ثراه، ولما حان وقت المغرب ذهب إلى المسجد، فبادر أحد الأراذل إلى تعرية رأسه ومشى حافيا إلى الشيخ (رحمه الله) وعرض له حاله وعريته وبرودة الهواء، وطلب منه أن يفكر له بتغطية رأسه، فسأله