فقال:
.. وحكي أيضا من غاية زهده: أن بعض زوار النجف أصابه في الطريق فلم يعرفه لرثاثة أثوابه، فطلب منه أن يغسل ثياب سفره، وقال: أريد أن تزيح عنها درن الطريق وتجيئني بها، فتقبل منه ذلك وباشر بنفسه قصارتها وتبييضها إلى أن فرغ منها، فجاء بها إلى الرجل ليسلمها إياه، فاتفق أن عرفه الرجل في هذه المرة وجعل الناس يوبخونه على ذلك العمل، وهو يمنعهم عن الملامة ويقول:
إن حقوق إخواننا المؤمنين أكثر من أن يقابل بها غسل ثياب.
قال: وكان يأكل ويلبس ما يصل إليه بطريق الحلال، رديا كان أم سنيا، ويقول: المستفاد من الأحاديث الكثيرة وطريقة الجمع بين الأخبار أن الله يحب أن يرى أثر ما ينعمه على عباده عند السعة كما يحب الصبر على القناعة عند الضيق، فكان لا يرد من أحد شيئا، ومتى التمس أحد منه أن يلبس شيئا من الأثواب النفيسة يلبسها.
وتكرر أنه يهدى إليه شئ من العمامات الغالية - التي تعادل قيمتها ما يكون من الذهب الخالص - فيخرج به إلى الزيارة، ثم إذا طلب أحد من السائلين شيئا منه يخرق قطعة منه لأجله، وهكذا إلى أن يبقى على رأسه ذراعا من ذلك الثوب النفيس عند وروده إلى بيته (1).
وهذا غيض من فيض مما جاء في حياة هذا النموذج الإنساني الفذ.
وختاما لحديثنا نورد ما حكاه صاحب " الروضات " - بعد نقله لجملة من الكرامات -:.. إلى غير ذلك مما حكاه الثقات من كراماته العجيبة، واحتياطاته