تفسير الرازي - الرازي - ج ١٧ - الصفحة ٩٤
عند نفسه على سبيل الافتعال والاختلاق، ثم إنه تعالى ذكر الجوابات الكثيرة عن هذا الكلام، وامتدت تلك البيانات على الترتيب الذي شرحناه وفصلناه إلى هذا الموضع، ثم إنه تعالى بين في هذا المقام أن إتيان محمد عليه السلام بهذا القرآن ليس على سبيل الافتراء على الله تعالى، ولكنه وحي نازل عليه من عند الله، ثم إنه تعالى احتج على صحة هذا الكلام بقوله: * (أم يقولون افتراه قل فأتوا بسورة مثله) * وذلك يدل على أنه معجز نازل عليه من عند الله تعالى، وأنه مبرأ عن الافتراء والافتعال فهذا هو الترتيب الصحيح في نظم هذه الآيات.
المسألة الثانية: قوله تعالى: * (وما كان هذا القرآن أن يفترى) * فيه وجهان: الأول: أن قوله: * (أن يفترى) * في تقدير المصدر، والمعنى: وما كان هذا القرآن افتراء من دون الله، كما تقول: ما كان هذا الكلام إلا كذبا. والثاني: أن يقال إن كلمة * (أن) * جاءت ههنا بمعنى اللام، والتقدير: ما كان هذا القرآن ليفتري من دون الله، كقوله: * (وما كان المؤمنون لينفروا كافة) * (التوبة: 122) * (ما كان الله ليذر المؤمنين... وما كان الله ليطلعكم على الغيب) * (آل عمران: 179) أي لم يكن ينبغي لهم أن يفعلوا ذلك، فكذلك ما ينبغي لهذا القرآن أن يفترى، أي ليس وصفه وصف شيء يمكن أن يفترى به على الله، لأن المفتري هو الذي يأتي به البشر، والقرآن معجز لا يقدر عليه البشر، والافتراء افتعال من فريت الأديم إذا قدرته للقطع، ثم استعمل في الكذب كما استعمل قولهم: اختلف فلان هذا الحديث في الكذب، فصار حاصل هذا الكلام أن هذا القرآن لا يقدر عليه أحد إلا الله عز وجل، ثم إنه تعالى احتج على هذه الدعوى بأمور:
الحجة الأولى: قوله: * (ولكن تصديق الذي بين يديه) * وتقرير هذه الحجة من وجوه: أحدها: أن محمدا عليه السلام كان رجلا أميا ما سافر إلى بلدة لأجل التعلم، وما كانت مكة بلدة العلماء، وما كان فيها شيء من كتب العلم، ثم إنه عليه السلام أتى بها القرآن، فكان هذا القرآن مشتملا على أقاصيص الأولين، والقوم كانوا في غاية العداوة له، فلو لم تكن هذه الأقاصيص موافقة لما في التوراة والإنجيل لقدحوا فيه ولبالغوا في الطعن فيه، ولقالوا له إنك جئت بهذه الأقاصيص لا كما ينبغي، فلما لم يقل أحد ذلك مع شدة حرصهم على الطعن فيه، وعلى تقبيح صورته، علمنا أنه أتى بتلك الأقاصيص مطابقة لما في التوراة والإنجيل، مع أنه ما طالعهما ولا تلمذ لأحد فيهما، وذلك يدل على أنه عليه السلام إنما أخبر عن هذه الأشياء بوحي من قبل الله تعالى.
الحجة الثانية: أن كتب الله المنزلة دلت على مقدم محمد عليه السلام، على ما استقصينا في تقريره في سورة البقرة في تفسير قوله تعالى: * (وأوفوا بعهدي أوف بعهدكم) * (البقرة: 40) وإذا كان الأمر كذلك
(٩٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 89 90 91 92 93 94 95 96 97 98 99 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 سورة يونس 2
2 قوله تعالى (الر تلك آيات الكتاب الحكيم) 2
3 قوله تعالى (أكان للناس عجبا) الآية 4
4 قوله تعالى (إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض) الآية 8
5 قوله تعالى (إليه مرجعكم جميعا) الآية 16
6 قوله تعالى (هو الذي جعل الشمس ضياء) 32
7 قوله تعالى (إن في اختلاف الليل والنهار وما خلق الله) الآية 37
8 قوله تعالى (إن الذين لا يرجون لقاءنا ورضوا بالحياة الدنيا) الآية 38
9 قوله تعالى (أولئك مأواهم النار بما كانوا يكسبون) الآية 39
10 قوله تعالى (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات يهديهم ربهم) الآية 40
11 قوله تعالى (دعواهم فيها سبحانك اللهم وتحيتهم فيها سلام) الآية 43
12 قوله تعالى (ولو يعجل الله للناس الشر استعجالهم بالخير) الآية 47
13 قوله تعالى (وإذا مس الانسان الضر دعانا لجنبه) الآية 49
14 قوله تعالى (ولقد أهلكنا القرون من قبلكم لما ظلموا) الآية 53
15 قوله تعالى (وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات) 54
16 قوله تعالى (قل لو شاء الله ما تلوته عليكم) 57
17 قوله تعالى (فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا) الآية 58
18 قوله تعالى (ويعبدون من دون الله ما لا يضرهم ولا ينفعهم) الآية 59
19 قوله تعالى (وما كان الناس إلا أمة واحدة فاختلفوا) الآية 61
20 قوله تعالى (ويقولون لولا أنزل عليه آية من ربه) الآية 63
21 قوله تعالى (وإذا أذقنا الناس رحمة) الآية 64
22 قوله تعالى (هو الذي يسيركم في البر والبحر) 66
23 قوله تعالى (إنما مثل الحياة الدنيا كماء أنزلنا من السماء) الآية 72
24 قوله تعالى (والله يدعوا إلى دار السلام) 74
25 قوله تعالى (الذين أحسنوا الحسنى وزيادة) 76
26 قوله تعالى (والذين كسبوا السيئات جزاء سيئة بمثلها) الآية 79
27 قوله تعالى (ويوم نحشرهم جميعا ثم نقول للذين أشركوا) الآية 81
28 قوله تعالى (هنالك نبلوا كل نفس) الآية 84
29 قوله تعالى (قل من يرزقكم من السماء) الآية 86
30 قوله تعالى (كذلك حقت كلمة ربك) الآية 87
31 قوله تعالى (قل هل من شركائكم من يبدؤ الخلق ثم يعيده) الآية 88
32 قوله تعالى (قل هل من شركائكم من يهدى إلى الحق) الآية 89
33 قوله تعالى (وما كان هذا القرآن أن يفترى) الآية 93
34 قوله تعالى (أم يقولون افتراه قل فأتوا بسورة مثله) الآية 96
35 قوله تعالى (ومنهم من يؤمن به) الآية 99
36 قوله تعالى (ومنهم من يستمعون إليك) 100
37 قوله تعالى (ويوم يحشرهم كأن لم يلبثوا إلا ساعة) الآية 103
38 قوله تعالى (ولكل أمة رسول) الآية 105
39 قوله تعالى (ويقولون متى هذا الوعد) الآية 107
40 قوله تعالى (قل أرأيتم إن أتاكم عذابه بياتا) 108
41 قوله تعالى (ثم قيل للذين ظلموا ذوقوا عذاب الخلد) 109
42 قوله تعالى (ويستنبئونك أحق هو) 110
43 قوله تعالى (ألا إن لله ما في السماوات والأرض) الآية 112
44 قوله تعالى (يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم) الآية 114
45 قوله تعالى (قل بفضل الله وبرحمته) الآية 117
46 قوله تعالى (قل أرأيتم ما أنزل الله لكم من رزق) الآية 119
47 قوله تعالى (وما تكون في شأن وما تتلوا منه من قرآن) 121
48 قوله تعالى (ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم) الآية 125
49 قوله تعالى (لهم البشرى في الحياة الدنيا) 127
50 قوله تعالى (ولا يحزنك قولهم) الآية 129
51 قوله تعالى (ألا إن لله من في السماوات ومن في الأرض) 130
52 قوله تعالى (هو الذي جعل لكم الليل لتسكنوا فيه) الآية 131
53 قوله تعالى (قالوا اتخذ الله ولدا سبحانه) 132
54 قوله تعالى (قل إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون) 134
55 قوله تعالى (واتل عليهم نبأ نوح) 135
56 قوله تعالى (فكذبوه فنجيناه ومن معه في الفلك) الآية 139
57 قوله تعالى (ثم بعثنا من بعده رسلا إلى قومه) الآية 140
58 قوله تعالى (ثم بعثنا من بعدهم موسى) الآية 141
59 قوله تعالى (قالوا أجئتنا لتلفتنا عما وجدنا عليه آباءنا) الآية 142
60 قوله تعالى (ويحق الله الحق بكلماته) 143
61 قوله تعالى (فما آمن لموسى إلا ذرية من قومه) الآية 144
62 قوله تعالى (وقال موسى يا قوم إن كنتم آمنتم بالله) الآية 145
63 قوله تعالى (وأوحينا إلى موسى وأخيه) 147
64 قوله تعالى (وقال موسى ربنا إنك آتيت فرعون وملأه زينة) الآية 148
65 قوله تعالى (قال قد أجيبت دعوتكما) الآية 152
66 قوله تعالى (وجاوزنا ببني إسرائيل البحر) 153
67 قوله تعالى (آلآن وقد عصيت قبل) الآية 155
68 قوله تعالى (فاليوم ننجيك ببدنك) الآية 156
69 قوله تعالى (ولقد بوأنا بني إسرائيل مبوأ صدق) الآية 158
70 قوله تعالى (فإن كنت في شك مما أنزلنا إليك) الآية 159
71 قوله تعالى (فلولا كانت قرية آمنت فنفعها إيمانها) الآية 164
72 قوله تعالى (ولو شاء ربك لآمن من في الأرض) الآية 165
73 قوله تعالى (وما كان لنفس أن تؤمن إلا باذن الله) الآية 167
74 قوله تعالى (قل انظروا ماذا في السماوات والأرض) الآية 169
75 قوله تعالى (فهل ينتظرون الا مثل أيام الذين خلوا من قبلهم) الآية 170
76 قوله تعالى (قل يا أيها الناس إن كنتم في شك من ديني) الآية 171
77 قوله تعالى (ولا تدع من دون الله مالا ينفعك ولا يضرك) الآية 173
78 قوله تعالى (وان يمسسك الله بضر) الآية 174
79 قوله تعالى (قل يا أيها الناس قد جاءكم الحق من ربكم) الآية 175
80 قوله تعالى (واتبعوا ما يوحى إليك) 176
81 سورة هود 177
82 قوله تعالى (الر كتاب أحكمت آياته) 177
83 قوله تعالى (ألا تعبدوا الا الله) الآية 179
84 قوله تعالى (وأن استغفروا ربكم) الآية 180
85 قوله تعالى (ألا انهم يثنون صدورهم) 184
86 قوله تعالى (وما من دابة في الأرض الا على الله رزقها) الآية 185
87 قوله تعالى (وهو الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام) 186
88 قوله تعالى (ولئن أخرنا عنهم العذاب إلى أمة معدودة) الآية 189
89 قوله تعالى (ولئن أذقنا الانسان منا رحمة) 190
90 قوله تعالى (ولئن أذقناه نعماء بعد ضراء) 191
91 قوله تعالى (فلعلك تارك بعض ما يوحى إليك) الآية 192
92 قوله تعالى (أم يقولون افتراه) 194
93 قوله تعالى (فان لم يستجيبوا لكم) الآية 196
94 قوله تعالى (من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها) الآية 198
95 قوله تعالى (أفمن كان على بينة من ربه) 200
96 قوله تعالى (ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا) الآية 203
97 قوله تعالى (أولئك لم يكونوا معجزين في الأرض) الآية 205
98 قوله تعالى (أولئك الذين خسروا أنفسهم) 207
99 قوله تعالى (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات) الآية 208
100 قوله تعالى (مثل الفريقين كالأعمى) 209
101 قوله تعالى (ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه) 210
102 قوله تعالى (فقال الملا الذين كفروا من قومه) الآية 211
103 قوله تعالى (قال يا قوم أرأيتم إن كنت على بينة من ربي 213
104 قوله تعالى (ويا قوم لا أسألكم عليه مالا) 214
105 قوله تعالى (ويا قوم من ينصرني من الله إن طردتهم) 215
106 قوله تعالى (قال يا نوح قد جادلتنا) الآية 217
107 قوله تعالى (ولا ينفعكم نصحي) الآية 219
108 قوله تعالى (أم يقولون افتراه) الآية 220
109 قوله تعالى (وأوحى إلى نوح أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن) 221
110 قوله تعالى (واصنع الفلك بأعيننا ووحينا) 222
111 قوله تعالى (ويصنع الفلك وكلما مر عليه ملا من قومه) الآية 223
112 قوله تعالى (فسوف تعلمون من يأتيه عذاب يخزيه 224
113 قوله تعالى (حتى إذا جاء أمرنا وفار التنور) 225
114 قوله تعالى (وقال اركبوا فيها) الآية 228
115 قوله تعالى (وهى تجرى بهم في موج كالجبال) 230
116 قوله تعالى (وقيل يا أرض ابلعي ماءك) 233
117 قوله تعالى (وقضى الامر) الآية 234
118 قوله تعالى (وقيل بعدا للقوم الظالمين) 235