في الحال ولا يرجون بها ثوابا ولا من تركها عقابا، فكان الداعي للترك قويا من هذه الوجوه، والداعي إلى الفعل ليس إلا خوف الناس، والداعي إلى الفعل متى كان كذلك وقع الفعل على وجه الكسل والفتور.
قال صاحب " الكشاف ": قرىء * (كسالى) * بضم الكاف وفتحها جمع كسلان كسكارى في سكران.
ثم قال تعالى: * (يراؤن الناس ولا يذكرون الله إلا قليلا) * والمعنى أنهم لا يقومون إلى الصلاة إلا لأجل الرياء والسمعة، لا لأجل الدين.
فإن قيل: ما معنى المرآة وهي مفاعلة من الرؤية.
قلنا: إن المرائي يريهم عمله وهم يرونه استحسان ذلك العمل، وفي قوله * (ولا يذكرون الله إلا قليلا) * وجوه: الأول: أن المراد بذكر الله الصلاة، والمعنى أنهم لا يصلون إلا قليلا، لأنه متى لم يكن معهم أحد من الأجانب لم يصلوا، وإذا كانوا مع الناس فعند دخول وقت الصلاة يتكلفون حتى يصيروا غائبين عن أعين الناس. الثاني: أن المراد بذكر الله أنهم كانوا في صلاتهم لا يذكرون الله إلا قليلا، وهو الذي يظهر مثل التكبيرات، فأما الذي يخفى مثل القراءة والتسبيحات فهم لا يذكرونها. الثالث: المراد أنهم لا يذكرون الله في جميع الأوقات سواء كان ذلك الوقت وقت الصلاة أو لم يكن وقت الصلاة إلا قليلا نادرا.
قال صاحب " الكشاف ". وهكذا نرى كثيرا من المتظاهرين بالإسلام، ولو صحبته الأيام والليالي لم تسمع منه تهليلة ولا تسبيحة، ولكن حديث الدنيا يستغرق به أيامه وأوقاته لا يفتر عنه. الرابع: قال قتادة إنما قيل: إلا قليلا، لأن الله تعالى لم يقبله، وما رده الله تعالى فكثيره قليل، وما قبله الله فقليله كثير ثم قال تعالى:
* (مذبذبين بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء ومن يضلل الله فلن تجد له سبيلا) * وفيه مسائل:
المسألة الأولى: مذبذبين. إما حال من قوله * (يراؤن) * أو من قوله * (لا يذكرون الله إلا قليلا) * (النساء: 142) ويحتمل أن يكون منصوبا على الذم.
المسألة الثانية: مذبذبين: أي متحيرين، وحقيقة المذبذب الذي يذب عن كلا الجانبين، أي