هو يطعمني ويسقين (79) وإذا مرضت فهو يشفين (80) والذي يميتني ثم يحيين (81) والذي أطمع أن يغفر لي خطيئتي يوم الدين (82) قوله تعالى: (هل يسمعونكم) والمعنى: هل يسمعون دعاءكم. وقرأ سعيد بن جبير، وابن يعمر، وعاصم الجحدري: " هل يسمعونكم " بضم الياء وكسر الميم، (إذ تدعون) قال الزجاج:
إن شئت بينت الذال، وإن شئت أدغمتها في التاء وهو أجود في العربية، لقرب الذال من التاء.
قوله تعالى: (أو ينفعونكم) أي: إن عبدتموهم (أو يضرون) إن لم تعبدوهم؟ فأخبروا عن تقليد آبائهم. قوله تعالى: (فإنهم عدو لي) فيه وجهان:
أحدهما: أن لفظه لفظ الواحد والمراد به الجميع، فالمعنى: فإنهم أعداء لي.
والثاني: فإن كل معبود لكم عدو لي. فإن قيل: ما وجه وصف الجماد بالعدواة؟
فالجواب: من وجهين.
أحدهما: أن معناه: فإنهم عدو لي يوم القيامة إن عبدتهم.
والثاني: أنه من المقلوب، والمعنى: فإني عدو لهم، لأن من عاديته عاداك، قاله ابن قتيبة.
وفي قوله: تعالى: (إلا رب العالمين) قولان:
أحدهما: أنه استثناء من الجنس، لأنه علم أنهم كانوا يعبدون الله مع آلهتهم، قاله ابن زيد.
و الثاني: أنه من غير الجنس، فالمعنى: و لكن رب العالمين، قاله أكثر النحويين.
قوله تعالى: (الذي خلقني فهو يهدين) أي: إلى الرشد، لا ما تعبدون، (والذي هو يطعمني ويسقين) أي: هو رازقي الطعام والشراب.
فإن قيل: لم قال: " مرضت "، ولم يقل: " أمرضني "؟
فالجواب: أنه أراد الثناء على ربه فأضاف إليه الخير المحض، لأنه لو قال: " أمرضني " لعد قومه ذلك عيبا، فاستعمل حسن الأدب، ونظير قصة الخضر حين قال في العيب: " فأردت "، وفي الخير المحض: " فأراد ربك " فإن قيل: فهذا يرده قوله: (و الذي يميتني).
فالجواب: أن القوم كانوا لا ينكرون الموت، وإنما يجعلون له سببا سوى تقدير الله عز وجل، فأضافه إبراهيم إلى الله تعالى، وقوله [تعالى]: (ثم يحيين) يعني البعث، [وهو] أمر لا يقرون