قوله تعالى: (إنا رسول رب العالمين) قال ابن قتيبة: الرسول يكون بمعنى الجميع، كقوله: (هؤلاء ضيفي) وقوله: (ثم نخرجكم طفلا). وقال الزجاج: المعنى: إنا رسالة رب العالمين، أي: ذوو رسالة رب العالمين، قال الشاعر:
لقد كذب الواشون ما بحت عندهم بسر ولا أرسلتهم برسول قوله تعالى: (أن أرسل) المعنى: بأن أرسل (معنا بني إسرائيل) أي: أطلقهم من الاستعباد، فأتياه فبلغاه الرسالة، ف (قال ألم نر بك فينا وليدا) أي: صبيا صغيرا (ولبثت فينا من عمرك سنين) وفيها ثلاثة أقوال:
أحدها: ثماني عشرة سنة، قاله ابن عباس.
والثاني: أربعون سنة، قاله ابن السائب.
والثالث: ثلاثون سنة، قاله مقاتل، والمعنى: فجازيتنا على أن ربيناك أن كفرت نعمتنا، وقتلت منا نفسا، وهو قوله: (وفعلت فعلتك) وهي قتل النفس. قال الفراء: وإنما نصبت الفاء، لأنها مرة واحدة، ولو أريد بها مثل الجلسة والمشية جاز كسرها.
وفي قوله: (وأنت من الكافرين) قولان:
أحدهما: من الكافرين لنعمتي، قاله ابن عباس، و سعيد بن جبير، و عطاء، و الضحاك و ابن زيد.
والثاني: من الكافرين بإلهك، كنت معنا على ديننا الذي تعيب، قاله الحسن، والسدي.
فعلى الأول، وأنت من الكافرين الآن. وعلى الثاني: وكنت. و في قوله: (و أنا من الضالين) ثلاثة أقوال:
أحدها: من الجاهلين، قاله ابن عباس، ومجاهد، وسعيد بن جبير، وقتادة. وقال بعض المفسرين: المعنى: إني كنت جاهلا لم يأتني من الله شئ.
والثاني: من الخاطئين، والمعنى: إني قتلت النفس خطأ، قاله ابن زيد.
والثالث: من الناسين، ومثله: (أن تضل إحداهما)، قاله أبو عبيدة.