غير أنه لما اعترض بينهما كلام، تبعه قوله تعالى: (قد أفلح)، حكاه الفراء، وثعلب أيضا.
والثالث: أنه قوله: (إن كل إلا كذب الرسل)، حكاه الأخفش.
والرابع: أنه قوله: (إن ذلك لحق تخاصم أهل النار) قاله الكسائي، وقال الفراء: لا نجده مستقيما في العربية، لتأخره جدا عن قوله تعالى: (والقرآن).
والخامس: أن جوابه محذوف، تقديره: والقرآن ذي الذكر ما الأمر كما يقول الكفار، ويدل على هذا المحذوف قوله تعالى: (بل الذين كفروا في عزة وشقاق)، ذكره جماعة من المفسرين، وإلى نحوه ذهب قتادة. والعزة: الحمية والتكبر عن الحق. وقرأ عمرو بن العاص، وأبو رزين، وابن يعمر، وعاصم الجحدري، ومحبوب عن أبي عمرو: " في غرة " بغين معجمة وراء غير معجمة.
والشقاق: الخلاف والعداوة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد سبق بيان الكلمتين مشروحا.
ثم خوفهم بقوله تعالى: (كم أهلكنا من قبلهم من قرن) يعنى الأمم الخالية (فنادوا) عند وقوع الهلاك بهم. وفي هذا النداء قولان:
أحدهما: أنه الدعاء.
والثاني: الاستغاثة.
قوله تعالى: (ولات حين مناص) وقرأ الضحاك، وأبو المتوكل، وعاصم الجحدري، وابن يعمر: " ولات حين " بفتح التاء ورفع النون. قال ابن عاصم: ليس حين يروه فرار. وقال عطاء: في لغة أهل اليمن " لات " بمعنى " ليس ". وقال وهب بن منبه: هي بالسريانية. وقال الفراء: " لات " بمعنى " ليس "، فالمعنى: ليس بحين فرار. ومن القراء من يخفض " لات "، والوجه النصب، لأنها في معنى " ليس "، أنشدني المفضل:
تذكر حب ليلى لات حينا * وأضحى يكون الشيب قد قطع القرينا قال ابن الأنباري: كان الفراء والكسائي والخليل وسيبويه والأخفش وأبو عبيدة يذهبون إلى أن التاء في قوله تعالى: " ولات " منقطعة من " حين "، قال: وقال أبو عبيدة: الوقف عندي على هذا الحرف " ولا "، والابتداء " تحين " لثلاث حجج:
إحداهن: أن تفسير ابن عباس يشهد لها، لأنه قال: ليس حين يروه فرار، فقد علم أن " ليس " هي أخت " لا " و بمعناها.
والحجة الثانية: أنا لا نجد في شئ من كلام العرب " ولات "، إنما المعروفة " لا ".