واختلف أهل التأويل في المعنى الذي من أجله لم يسلط فيه الشيطان على المؤمن.
فقال بعضهم بما:
حدثت عن واقد بن سليمان، عن سفيان، في قوله: إنه ليس له سلطان على الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون قال: ليس له سلطان على أن يحملهم على ذنب لا يغفر.
وقال آخرون: هو الاستعاذة، فإنه إذا استعاذ بالله منع منه ولم يسلط عليه. واستشهد لصحة قوله ذلك بقول الله تعالى: وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه سميع عليم وقد ذكرنا الرواية بذلك في سورة الحجر.
وقال آخرون في ذلك، بما:
حدثني به المثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا عبد الله بن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع، في قوله: إنه ليس له سلطان على الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون إلى قوله: والذين هم به مشركون يقال: إن عدو الله إبليس قال: لأغوينهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين فهؤلاء الذين لم يجعل للشيطان عليهم سبيل، وإنما سلطانه على قوم اتخذوه وليا وأشركوه في أعمالهم.
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: إنه ليس له سلطان على الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون يقول: السلطان على من تولى الشيطان وعمل بمعصية الله حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: إنما سلطانه على الذين يتولونه يقول: الذين يطيعونه ويعبدونه.
وأولى الأقوال في ذلك بالصواب، قول من قال: معناه: إنه ليس له سلطان على الذين آمنوا فاستعاذوا بالله منه، بما ندب الله تعالى ذكره من الاستعاذة وعلى ربهم يتوكلون على ما عرض لهم من خطراته ووساوسه.