وإنما قلنا ذلك أولى التأويلات بالآية لان الله تعالى ذكره أتبع هذا القول: فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم وقال في موضع آخر: وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه سميع عليم فكان بينا بذلك أنه إنما ندب عباده إلى الاستعاذة منه في هذه الأحوال ليعيذهم من سلطانه.
وأما قوله: والذين هم به مشركون فإن أهل التأويل اختلفوا في تأويله، فقال بعضهم فيه بما قلنا إن معناه: والذين هم بالله مشركون. ذكر من قال ذلك حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء وحدثني المثنى، قال: ثنا أبو حذيفة، قال:
ثنا شبل وحدثني المثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا عبد الله، عن ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: والذين هم به مشركون قال: يعدلون برب العالمين.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد: والذين هم به مشركون قال: يعدلون بالله.
حدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ، قال: ثنا عبيد بن سليمان، قال: سمعت الضحاك يقول: في قوله: والذين هم به مشركون عدلوا إبليس بربهم، فإنهم بالله مشركون.
وقال آخرون: معنى ذلك: والذين هم به مشركون، أشركوا الشيطان في أعمالهم.
ذكر من قال ذلك:
حدثني المثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا عبد الله بن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع: والذين هم به مشركون أشركوه في أعمالهم.
والقول الأول، أعني قول مجاهد، أولى القولين في ذلك بالصواب وذلك أن الذين يتولون الشيطان إنما يشركونه بالله في عبادتهم وذبائحهم ومطاعمهم ومشاربهم، لا أنهم يشركون بالشيطان. ولو كان معنى الكلام ما قاله الربيع، لكان التنزيل: الذين هم مشركوه ولم يكن في الكلام به، فكان يكون لو كان التنزيل كذلك: والذين هم مشركوه في أعمالهم، إلا أن يوجه موجه معنى الكلام إلى أن القوم كانوا يدينون بألوهة الشيطان