حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبو معاوية، عن جويبر، عن الضحاك:
وضرب الله مثلا رجلين أحدهما أبكم قال: إنما هذا مثل ضربه الله.
وقال آخرون: بل كلا المثلين للمؤمن والكافر. وذلك قول يروى عن ابن عباس، وقد ذكرنا الرواية عنه في المثل الأول في موضعه.
وأما في المثل الآخر:
فحدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس: وضرب الله مثلا رجلين أحدهما أبكم لا يقدر على شئ وهو كل على مولاه... إلى آخر الآية، يعني بالأبكم: الذي هو كل على مولاه الكافر، وبقوله: ومن يأمر بالعدل المؤمن، وهذا المثل في الأعمال.
حدثنا الحسن بن الصباح البزار، قال: ثنا يحيى بن إسحاق السيلحيني، قال: ثنا حماد، عن عبد الله بن عثمان بن خثيم، عن إبراهيم، عن عكرمة، عن يعلى بن أمية، عن ابن عباس، في قوله: ضرب الله مثلا عبدا مملوكا قال: نزلت في رجل من قريش وعبده. وفي قوله: مثلا رجلين أحدهما أبكم لا يقدر على شئ... إلى قوله:
وهو على صراط مستقيم قال: هو عثمان بن عفان. قال: والأبكم الذي أينما يوجه لا يأت بخير، ذاك مولى عثمان بن عفان، كان عثمان ينفق عليه ويكفله ويكفيه المئونة، وكان الآخر يكره الاسلام ويأباه وينهاه عن الصدقة والمعروف، فنزلت فيهما.
وإنما اخترنا القول الذي اخترناه في المثل الأول لأنه تعالى ذكره مثل مثل الكافر بالعبد الذي وصف صفته، ومثل مثل المؤمن بالذي رزقه رزقا حسنا فهو ينفق مما رزقه سرا وجهرا، فلم يجز أن يكون ذلك لله مثلا، إذ كان الله إنما مثل الكافر الذي لا يقدر على شئ بأنه لم يرزقه رزقا ينفق منه سرا ومثل المؤمن الذي وفقه الله لطاعته فهداه لرشده فهو يعمل بما يرضاه الله، كالحر الذي بسط له في الرزق فهو ينفق منه سرا وجهرا، والله تعالى ذكره هو الرازق غير المرزوق، فغير جائز أن يمثل إفضاله وجوده بإنفاق المرزوق الرزق الحسن.
وأما المثل الثاني، فإنه تمثيل منه تعالى ذكره من مثله الأبكم الذي لا يقدر على شئ