وقوله: وهم داخرون يعني: وهم صاغرون، يقال منه: دخر فلان لله يدخر دخرا ودخورا: إذا ذل له وخضع ومنه قول ذي الرمة:
فلم يبق إلا داخر في مخيس * ومنجحر في غير أرضك في جحر وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
حدثني المثنى، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: وهم داخرون: صاغرون.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، مثله.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة: وهم داخرون: أي صاغرون.
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة مثله.
وأما توحيد اليمين في قوله: عن اليمين و الشمائل فجمعها، فإن ذلك إنما جاء كذلك، لان معنى الكلام: أو لم يروا إلى ما خلق الله من شئ يتفيأ ظلال ما خلق من شئ عن يمينه: أي ما خلق، وشمائله. فلفظ ما لفظ واحد، ومعناه معنى الجمع، فقال: عن اليمين بمعنى: عن يمين ما خلق، ثم رجع إلى معناه في الشمائل. وكان بعض أهل العربية يقول: إنما تفعل العرب ذلك، لان أكثر الكلام مواجهة الواحد الواحد، فيقال للرجل: خذ عن يمينك، قال: فكأنه إذا وحد ذهب إلى واحد من القوم، وإذا جمع فهو الذي لا مسألة فيه واستشهد لفعل العرب ذلك بقول الشاعر:
بفي الشامتين الصخر إن كان هدني * رزية شبلي مخدر في الضراغم