يريد أن يعربه فيعجمه وقرأ ذلك بعض قراء أهل الشام وبعض المتأخرين من قراء الكوفيين: فيكون نصبا، عطفا على قوله: أن نقول له. وكأن معنى الكلام على مذهبهم: ما قولنا لشئ إذا أردناه إلا أن نقول له: كن، فيكون. وقد حكي عن العرب سماعا: أريد أن آتيك فيمنعني المطر، عطفا ب يمنعني على آتيك.
وقوله: والذين هاجروا في الله من بعد ما ظلموا لنبوئنهم في الدنيا حسنة يقول تعالى ذكره: والذين فارقوا قومهم ودورهم وأوطانهم عداوة لهم في الله على كفرهم إلى آخرين غيرهم. من بعد ما ظلموا يقول: من بعد ما نيل منهم في أنفسهم بالمكاره في ذات الله. لنبوئنهم في الدنيا حسنة يقول: لنسكننهم في الدنيا مسكنا يرضونه صالحا.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: و الذين هاجروا في الله من بعد ما ظلموا لنبوئنهم قال: هؤلاء أصحاب محمد ظلمهم أهل مكة، فأخرجوهم من ديارهم حتى لحق طوائف منهم بالحبشة، ثم بوأهم الله المدينة بعد ذلك فجعلها لهم دار هجرة، وجعل لهم أنصارا من المؤمنين.
حدثت عن القاسم بن سلام، قال: ثنا هشيم، عن داود بن أبي هند، عن الشعبي: لنبوئنهم في الدنيا حسنة قال: المدينة.
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: والذين هاجروا في الله من بعد ما ظلموا لنبوئنهم في الدنيا حسنة قال: هم قوم هاجروا إلى رسول الله (ص) من أهل مكة بعد ظلمهم، وظلمهم المشركون.