قولي: جاء ههنا شيخ من صفته كذا وكذا، وإنه يقول لك: قد رضيت لك عتبة بابك، فأثبتها فلما جاء إسماعيل أخبرته. قال: ثم جاء الثالثة، فرفعا القواعد من البيت.
حدثنا الحسن بن محمد، قال: ثني يحيى بن عباد، قال: ثنا حماد بن سلمة، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: جاء نبي الله إبراهيم بإسماعيل وهاجر، فوضعهما بمكة في موضع زمزم فلما مضى نادته هاجر: يا إبراهيم إنما أسألك ثلاث مرات: من أمرك أن تضعني بأرض ليس فيها ضرع ولا زرع ولا أنيس ولا زاد ولا ماء؟ قال: ربي أمرني، قالت: فإنه لن يضيعنا. قال: فلما قفا إبراهيم قال: ربنا إنك تعلم ما نخفي وما نعلن يعني من الحزن وما يخفى على الله من شئ في الأرض ولا في السماء. فلما ظمئ إسماعيل جعل يدحض الأرض بعقبه، فذهبت هاجر حتى علت الصفا، والوادي يومئذ لأخ يعني عميق فصعدت الصفا، فأشرفت لتنظر هل ترى شيئا فلم تر شيئا، فانحدرت فبلغت الوادي، فسعت فيه حتى خرجت منه، فأتت المروة، فصعدت فاستشرفت هل تر شيئا، فلم تر شيئا. ففعلت ذلك سبع مرات، ثم جاءت من المروة إلى إسماعيل، وهو يدحض الأرض بقعبه، وقد نبعت العين وهي زمزم.
فجعلت تفحص الأرض بيدها عن الماء، فكلما اجتمع ماء أخذته بقدحها، وأفرغته في سقائها. قال: فقال النبي (ص): يرحمها الله لو تركتها لكانت عينا سائحة تجري إلى يوم القيامة. قال: وكانت جرهم يومئذ بواد قريب من مكة قال: ولزمت الطير الوادي حين رأت الماء فلما رأت جرهم الطير لزمت الوادي، قالوا: ما لزمته إلا وفيه ماء، فجاؤوا إلى هاجر، فقالوا: إن شئت كنا معك وآنسناك والماء ماؤك، قالت: نعم. فكانوا معها حتى شب إسماعيل، وماتت هاجر فتزوج إسماعيل امرأة منهم قال: فاستأذن إبراهيم سارة أن يأتي، هاجر، فأذنت له وشرطت عليه أن لا ينزل، فقدم إبراهيم وقد ماتت هاجر، فذهب إلى بيت إسماعيل، فقال لامرأته: أين صاحبك؟ قالت: ليس ههنا ذهب يتصيد، وكان