إخلاص العبادة لله واتباع الرسل الذين أرسلوا إليهم: إنا كنا لكم تبعا في الدنيا، والتبع: جمع تابع، كما الغيب جمع غائب. وإنما عنوا بقولهم: إنا كنا لكم تبعا أنهم كانوا أتباعهم في الدنيا يأتمرون لما يأمرونهم به من عبادة الأوثان والكفر بالله، وينتهون عما نهوهم عنه من اتباع رسل الله. فهل أنتم مغنون عنا من عذاب الله من شئ يعنون: فهل أنتم دافعون عنا اليوم من عذاب الله من شئ. وكان ابن جريج يقول نحو ذلك.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، قوله: وقال الضعفاء قال: الاتباع للذين استكبروا قال: للقادة.
وقوله: لو هدانا الله لهديناكم يقول عز ذكره: قالت القادة على الكفر بالله لتباعها: لو هدانا الله يعنون: لو بين الله لنا شيئا ندفع به عذابه عنا اليوم، لهديناكم لبينا ذلك لكم حتى تدفعوا العذاب عن أنفسكم، ولكنا قد جزعنا من العذاب فلم ينفعنا جزعنا منه وصبرنا عليها. سواء علينا أجزعنا أم صبرنا ما لنا من محيص يعنون: ما لهم من مزاغ يزوغون عنه، يقال منه: حاص عن كذا إذا زاغ عنه يحيص حيصا وحيوصا وحيصانا.
حدثني المثنى، قال: ثنا سويد بن نصر، قال: أخبرنا ابن المبارك، عن الحكم، عن عمر بن أبي ليلى أحد بني عامر، قال: سمعت محمد بن كعب القرظي يقول:
بلغني أو ذكر لي أن أهل النار قال بعضهم لبعض: يا هؤلاء، إنه قد نزل بكم من العذاب والبلاء ما قد ترون، فهلم فلنصبر، فلعل الصبر ينفعنا كما صبر أهل الدنيا على طاعة الله فنفعهم الصبر إذ صبروا قال: فيجمعون رأيهم على الصبر، قال: فصبروا فطال صبرهم، ثم جزعوا فنادوا: سواء علينا أجزعنا أم صبرنا ما لنا من محيص أي منجي.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله:
سواء علينا أجزعنا أم صبرنا ما لنا من محيص قال: إن أهل النار قال بعضهم لبعض:
تعالوا، فإنما أدرك أهل الجنة الجنة ببكائهم وتضرعهم إلى الله، فتعالوا نبكي ونتضرع إلى الله قال: فبكوا، فلما رأوا ذلك لا ينفعهم قالوا: تعالوا، فما أدرك أهل الجنة الجنة إلا بالصبر، تعالوا نصبر فصبروا صبرا لم ير مثله، فلم ينفعهم ذلك فعند ذلك قالوا سواء علينا أجزعنا أم صبرنا ما لنا من محيص. القول في تأويل قوله تعالى:
(وقال الشيطان لما قضي الامر إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني