حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، في قوله: أفلم ييأس الذين آمنوا قال: ألم يتبين الذين آمنوا.
حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة:
أفلم ييأس الذين آمنوا قال: ألم يعلم الذين آمنوا.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله:
أفلم ييأس الذين آمنوا قال: ألم يعلم الذين آمنوا.
والصواب من القول في ذلك ما قاله أهل التأويل: إن تأويل ذلك: أفلم يتبين ويعلم لاجماع أهل التأويل على ذلك والأبيات التي أنشدناها فيه.
فتأويل الكلام إذا: ولو أن قرآنا سوى هذا القرآن كان سيرت به الجبال لسير بهذا القرآن، أو قطعت به الأرض لقطعت بهذا، أو كلم به الموتى لكلم بهذا، ولو يفعل بقرآن قبل هذا القرآن لفعل بهذا. بل لله الامر جميعا يقول: ذلك كله إليه وبيده، يهدى من يشاء إلى الايمان فيوفقه له ويضل من يشاء فيخذله، أفلم يتبين الذين آمنوا بالله ورسوله إذ طمعوا في إجابتي من سأل نبيهم من تسيير الجبال عنهم وتقريب أرض الشام عليهم وإحياء موتاهم، أن لو يشاء الله لهدى الناس جميعا إلى الايمان به من غير إيجاد آية ولا إحداث شئ مما سألوا إحداثه. يقول تعالى ذكره: فما معنى محبتهم ذلك مع علمهم بأن الهداية والاهلاك إلي وبيدي أنزلت آية أو لم أنزلها أهدي من أشاء بغير إنزال آية، وأضل من أردت مع إنزالها.
القول في تأويل قوله تعالى:
(ولا يزال الذين كفروا تصيبهم بما صنعوا قارعة أو تحل قريبا من دارهم حتى يأتي وعد الله إن الله لا يخلف الميعاد) يقول تعالى ذكره: ولا يزال يا محمد الذين كفروا من قومك تصيبهم بما صنعوا من كفرهم بالله وتكذيبهم إياك وإخراجهم لك من بين أظهرهم قارعة، وهي ما يقرعهم من البلاء والعذاب والنقم، بالقتل أحيانا، وبالحروب أحيانا، والقحط أحيانا. أو تحل أنت يا محمد، يقول: أو تنزل أنت قريبا من دارهم بجيشك وأصحابك حتى يأتي وعد الله الذي وعدك فيهم، وذلك ظهورك عليهم وفتحك أرضهم وقهرك إياهم بالسيف. إن الله لا يخلف الميعاد يقول: إن الله منجزك يا محمد ما وعدك من الظهور عليهم، لأنه لا يخلف وعده.