وعشيرتهم ودورهم، يعني: تركوهم وخرجوا عنهم، وهجرهم قومهم وعشيرتهم.
وجاهدوا في سبيل الله يقول: بالغوا في إتعاب نفوسهم وإنصابها في حرب أعداء الله من الكفار في سبيل الله، يقول في دين الله الذي جعله طريقا إلى رحمته والنجاة من عذابه.
والذين آووا ونصروا يقول: والذين آووا رسول الله والمهاجرين معه يعني أنهم جعلوا لهم مأوى يأوون إليه، وهو المثوى والمسكن، يقول: أسكنوهم وجعلوا لهم من منازلهم مساكن، إذ أخرجهم قومهم من منازلهم ونصروا يقول: ونصروهم على أعدائهم وأعداء الله من المشركين. أولئك بعضهم أولياء بعض يقول: هاتان الفرقتان، يعني المهاجرين والأنصار، بعضهم أنصار بعض، وأعوان على من سواهم من المشركين، وأيديهم واحدة على من كفر بالله، وبعضهم إخوان لبعض دون أقربائهم الكفار. وقد قيل: إنما عنى بذلك أن بعضهم أولى بميراث بعض، وأن الله ورث بعضهم من بعض بالهجرة والنصرة دون القرابة والأرحام، وأن الله نسخ ذلك بعد بقوله: وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله. ذكر من قال ذلك:
12689 - حدثني المثنى، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس، قوله: إن الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله والذين آووا ونصروا أولئك بعضهم أولياء بعض يعني في الميراث. جعل الميراث للمهاجرين والأنصار دون ذوي الأرحام، قال الله: والذين آمنوا ولم يهاجروا ما لكم من ولايتهم من شئ حتى يهاجروا يقول: ما لكم من ميراثهم من شئ، وكانوا يعملون بذلك، حتى أنزل الله هذه الآية: وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله في الميراث، فنسخت التي قلبها، وصار الميراث لذوي الأرحام.
12690 - حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: إن الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله يقول: لا هجرة بعد الفتح، إنما هو الشهادة بعد ذلك والذين آووا ونصروا أولئك بعضهم أولياء بعض... إلى قوله: حتى يهاجروا وذلك أن المؤمنين كانوا على