وقوله: حتى يثخن في الأرض يقول: حتى يبالغ في قتل المشركين فيها، ويقهرهم غلبة وقسرا، يقال منه: أثخن فلان في هذا الامر إذا بالغ فيه، وحكي أثخنته معرفة، بمعنى: قتلته معرفة. تريدون: يقول للمؤمنين من أصحاب رسول الله (ص):
تريدون أيها المؤمنون عرض الدنيا بأسركم المشركين، وهو ما عرض للمرء منها من مال ومتاع، يقول: تريدون بأخذكم الفداء من المشركين متاع الدنيا وطعمها. والله يريد الآخرة يقول: والله يريد لكم زينة الآخرة، وما أعد للمؤمنين وأهل ولايته في جناته بقتلكم إياهم وإثخانكم في الأرض، يقول لهم: واطلبوا ما يريد الله لكم وله اعملوا لا ما تدعوكم إليه أهواء أنفسكم من الرغبة في الدنيا وأسبابها. والله عزير يقول: إن أنتم أردتم الآخرة لم يغلبكم عدو لكم، لان الله عزيز لا يقهر ولا يغلب، وإنه حكيم في تدبيره أمره خلقه.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
12648 - حدثني المثنى، قال: ثنا عبد الله بن صالح، قال: ثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس، قوله: ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض وذلك يوم بدر والمسلمون يومئذ قليل فلما كثروا واشتد سلطانهم، أنزل الله تبارك وتعالى بعد هذا في الأسارى: فإما منا بعد وإما فداء فجعل الله النبي والمؤمنين في أمر الأسارى بالخيار، إن شاءوا قتلوهم وإن شاءوا استعبدوهم وإن شاءوا فادوهم.
12649 حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض تريدون عرض الدنيا... الآية، قال: أراد أصحاب نبي الله (ص) يوم بدر الفداء، ففادوهم بأربعة آلاف، ولعمري ما كان أثخن رسول الله (ص) يومئذ وكان أول قتال قاتله المشركين.
12650 - حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا ابن فضيل، عن حبيب بن أبي عمرة، عن مجاهد، قال: الاثخان: القتل.
12651 - حدثني الحرث، قال: ثنا عبد العزيز، قال: ثنا شريك، عن الأعمش،