سمعت عكرمة في قوله: إنما الصدقات للفقراء والمساكين قال: لا تقولوا لفقراء المسلمين مساكين، إنما المساكين مساكين أهل الكتاب.
قال أبو جعفر: وأولى هذه الأقوال عندي بالصواب، قول من قال: الفقير: هو ذو الفقر أو الحاجة ومع حاجته يتعفف عن مسألة الناس والتذلل لهم في هذا الموضع، والمسكين: هو المحتاج المتذلل للناس بمسألتهم. وإنما قلنا إن ذلك كذلك وإن كان الفريقان لم يعطيا إلا بالفقر والحاجة دون الذلة والمسكنة، لاجماع الجميع من أهل العلم أن المسكين إنما يعطى من الصدقة المفروضة بالفقر، وأن معنى المسكنة عند العرب:
الذلة، كما قال الله جل ثناؤه: وضربت عليهم الذلة والمسكنة يعني بذلك الهون، والذلة لا الفقر. فإذا كان الله جل ثناؤه قد صنف من قسم له من الصدقة المفروضة قسما بالفقر فجعلهم صنفين، كان معلوما أن كل صنف منهم غير الآخر. وإذ كان ذلك كذلك كان لا شك أن المقسوم له باسم الفقير غير المقسوم له باسم الفقر والمسكنة، والفقير المعطى ذلك باسم الفقير المطلق هو الذي لا مسكنة فيه، والمعطى باسم المسكنة والفقر هو الجامع إلى فقره المسكنة، وهي الذل بالطلب والمسألة.
فتأويل الكلام إذ كان ذلك معناه: إنما الصدقات للفقراء المتعفف منهم الذي لا يسأل، والمتذلل منهم الذي يسأل، وقد روي عن رسول الله (ص) بنحو الذي قلنا في ذلك خبر.
13088 - حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثنا إسماعيل بن جعفر، عن شريك بن أبي نمر، عن عطاء بن يسار، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله (ص): ليس المسكين بالذي ترده اللقمة واللقمتان والتمرة والتمرتان، إنما المسكين المتعفف اقرأوا إن شئتم لا يسألون الناس إلحافا.
ومعنى قوله (ص): إنما المسكين المتعفف على نحو ما قد جرى به استعمال الناس من تسميتهم أهل الفقر مساكين، لا على تفصيل المسكين من الفقير. ومما ينبئ عن أن ذلك كذلك، انتزاعه (ص) لقول الله: اقرأوا إن شئتم لا يسألون الناس إلحافا وذلك في