أن يقربوا المسجد الحرام بدخولهم الحرم. وإنما عني بذلك منعهم من دخول الحرم، لأنهم إذا دخلوا الحرم فقد قربوا المسجد الحرام.
وقد اختلف أهل التأويل في معنى ذلك، فقال بعضهم فيه نحو الذي قلناه. ذكر من قال ذلك:
12892 - حدثنا بشر وابن المثنى، قالا: ثنا أبو عاصم، قال: أخبرنا ابن جريج، قال: قال عطاء: الحرم كله قبلة ومسجد، قال: فلا يقربوا المسجد الحرام لم يعن المسجد وحده، إنما عنى مكة والحرم. قال ذلك غير مرة.
وذكر عن عمر بن عبد العزيز في ذلك ما:
12893 - حدثنا عبد الكريم بن أبي عمير، قال: ثني الوليد بن مسلم، قال: ثنا أبو عمرو: أن عمر بن عبد العزيز كتب: أن امنعوا اليهود والنصارى من دخول مساجد المسلمين وأتبع في نهيه قول الله: إنما المشركون نجس.
12894 - حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا ابن فضيل، عن أشعث، عن الحسن: إنما المشركون نجس قال: لا تصافحوهم، فمن صافحهم فليتوضأ.
وأما قوله: بعد عامهم هذا فإنه يعني: بعد العام الذي نادى فيه علي رحمة الله عليه ببراءة، وذلك عام حج بالناس أبو بكر، وهي سنة تسع من الهجرة. كما:
12895 - حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا وهو العام الذي حج فيه أبو بكر، ونادى علي رحمة الله عليهما بالأذان وذلك لتسع سنين مضين من هجرة رسول الله (ص). وحج نبي الله (ص) من العام المقبل حجة الوداع لم يحج قبلها ولا بعدها.
وقوله: وإن خفتم عيلة يقول للمؤمنين: وإن خفتم فاقة وفقرا، بمنع المشركين من أن يقربوا المسجد الحرام. فسوف يغنيكم الله من فضله إن شاء يقال منه: عال يعيل عيلة وعيولا، ومنه قول الشاعر:
وما يدري الفقير متى غناه * وما يدري الغني متى يعيل