مسلوخة، بمعنى: المنزوعة من جلدها المخرجة منه ويعني بالأشهر الحرم: ذا القعدة، وذا الحجة، والمحرم، أو إنما أريد في هذا الموضع انسلاخ المحرم وحده، لان الأذان كان ببراءة يوم الحج الأكبر، فمعلوم أنهم لم يكونوا أجلوا الأشهر الحرم كلها وقد دللنا على صحة ذلك فيما مضى. ولكنه لما كان متصلا بالشهرين الآخرين قبله الحرامين وكان هو لهما ثالثا وهي كلها متصل بعضها ببعض، قيل: فإذا انسلخ الأشهر الحرم.
ومعنى الكلام: فإذا انقضت الأشهر الحرم الثلاثة عن الذين لا عهد لهم، أو عن الذين كان لهم عهد، فنقضوا عهدهم بمظاهرتهم الأعداء على رسول الله وعلى أصحابه، أو كان عهدهم إلى أجل غيره معلوم فاقتلوا المشركين يقول: فاقتلوهم حيث وجدتموهم يقول: حيث لقيتوهم من الأرض في الحرم وغير الحرم في الأشهر الحرم وغير الأشهر الحرم. وخذوهم يقول: وأسروهم واحصروهم يقول: وامنعوهم من التصرف في بلاد الاسلام ودخول مكة. واقعدوا لهم كل مرصد يقول: واقعدوا لهم بالطلب لقتلهم أو أسرهم كل مرصد، يعني: كل طريق ومرقب، وهو مفعل من قول القائل رصدت فلانا أرصده رصدا، بمعنى: رقبته. فإن تابوا يقول: فإن رجعوا عما نهاهم عليه من الشرك بالله وجحود نبوة نبيه محمد (ص) إلى توحيد الله وإخلاص العبادة له، دون الآلهة والأنداد، والاقرار بنبوة محمد (ص) وأقاموا الصلاة يقول: وأدوا ما فرض الله عليهم من الصلاة بحدودها وأعطوا الزكاة التي أوجبها الله عليهم في أموالهم أهلها.
فخلوا سبيلهم يقول: فدعوهم يتصرفون في أمصاركم ويدخلون البيت الحرام. إن الله غفور رحيم لمن تاب من عباده، فأناب إلى طاعته بعد الذي كان عليه من معصيته، ساتر على ذنبه، رحيم به أن يعاقبه على ذنوبه السالفة قبل توبته، بعد التوبة. وقد ذكرنا اختلاف المختلفين في الذين أجلوا إلى انسلاخ الأشهر الحرم.
وبنحو ما قلنا في تأويل ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
12793 - حدثنا عبد الأعلى بن واصل الأسدي، قال: ثنا عبد الله بن موسى، قال:
أخبرنا أبو جعفر الرازي عن الربيع، عن أنس، قال: قال رسول الله (ص): من فارق الدنيا على الاخلاص لله وحده وعبادته لا يشرك به شيئا، فارقها والله عنه راض قال: وقال أنس:
هو دين الله الذي جاءت به الرسل، وبلغوه عن ربهم قبل هرج الأحاديث واختلاف الأهواء، وتصديق ذلك في كتاب الله في آخر ما أنزل الله، قال الله: فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم قال: توبتهم خلع الأوثان وعبادة ربهم، وإقام الصلاة، وإيتاء