ومع أن القنوت بقي عندهم جزئيا، لكنك تشعر وأنت تقرأ فتاواهم فيه أنه ما زال في أنفسهم منه شئ، وكأنهم لم يستوفوا حقهم من قنوت رسول الله صلى الله عليه وآله! ثم تراهم لا يحبونه ولا يعلمونه لعوامهم! وإذا علموهم اقتصروا على سورتي الخلع والحفد، أو دعاء القنوت الذي يروونه عن الإمام الحسن بن علي عليهما السلام، وهو دعاء عام لا أثر فيه لذكر الكفار والمنافقين.. وهو الدعاء الشائع عندهم في عصرنا أكثر من سورتي الخليفة، بسبب أن نصه أقوى من نصهما.. قال في فتح العزيز ج 4 ص 250:
(واستحب الأئمة منهم صاحب التلخيص أن يضيف إليه (القنوت) ما روي عن عمر رضي الله عنه..) ثم ذكر (السورتين).
ويبدو أن ترك القنوت وتحريمه كان مذهب الأكثرية في زمن بني أمية! بل تصاعد غيظ الفقهاء منه وأفتوا بأنه كان من أصله تصرفا شخصيا من النبي صلى الله عليه وآله لمدة شهر فقط ثم نهاه الله عنه، أو كان مشروعا لكنه نسخ، وهو الآن حرام وبدعة..!
قال النسائي في سننه ج 2 ص 203 (عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قنت شهرا، قال شعبة لعن رجالا، وقال هشام يدعو على أحياء من أحياء العرب، ثم تركه بعد الركوع هذا قول هشام. وقال شعبة عن قتادة عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قنت شهرا يلعن رعلا وذكوان ولحيان.
باب لعن المنافقين في القنوت... عن سالم عن أبيه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم حين رفع رأسه من صلاة الصبح من الركعة الآخرة قال: اللهم العن فلانا وفلانا يدعو على أناس من المنافقين فأنزل الله عز وجل ليس لك من الأمر شئ أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون.
ترك القنوت... عن أبي مالك الأشجعي عن أبيه قال: صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يقنت! وصليت خلف أبي بكر فلم يقنت، وصليت خلف عمر فلم يقنت، وصليت خلف عثمان، فلم يقنت، وصليت خلف علي فلم يقنت، ثم قال يا بني إنها بدعة!) انتهى.