عاملك ما يسوءك، ولهزه حتى فرت قلنسوته، فإذا هو وافر الشعر، فقال أما إني لو وجدتك محلوقا ما سألت عنك، ثم كتب إلى أبي موسى، أما بعد فإن الأصبغ بن عليم التميمي تكلف ما كفي وضيع ما ولي، فإذا جاءك كتابي هذا فلا تبايعوه، وإن مرض فلا تعودوه، وإن مات فلا تشهدوه. ثم التفت إلى القوم فقال: إن الله عز وجل خلقكم وهو أعلم بضعفكم فبعث إليكم رسولا من أنفسكم وأنزل عليكم كتابا، وحد لكم فيه حدودا أمركم أن لا تعتدوها، وفرض عليكم فرائض أمركم أن تتبعوها، وحرم حرما نهاكم أن تنتهكوها. وترك أشياء لم يدعها نسيانا، فلا تكلفوها وإنما تركها رحمة لكم!
قال فكان الأصبغ بن عليم يقول قدمت البصرة فأقمت بها خمسة وعشرين يوما، وما من غائب أحب إلي أن ألقاه من الموت، ثم إن الله ألهمه التوبة وقذفها في قلبه فأتيت أبا موسى وهو على المنبر، فسلمت عليه فأعرض عني فقلت أيها المعرض إنه قد قبل التوبة من هو خير منك ومن عمر، إني أتوب إلى الله عز وجل مما أسخط أمير المؤمنين وعامة المسلمين، فكتب بذلك إلى عمر، فقال صدق، إقبلوا من أخيكم!!
8 - وروى في كنز العمال ج 2 ص 510 (عن سعيد بن المسيب قال: جاء صبيغ التميمي إلى عمر بن الخطاب فقال يا أمير المؤمنين: أخبرني عن الذاريات ذروا، فقال:
هي الرياح ولولا أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوله ما قلته، قال:
فأخبرني عن الحاملات وقرا، قال: هي السحاب ولولا أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوله ما قلته، قال: فأخبرني عن الجاريات يسرا قال: هي السفن ولولا أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوله ما قلته، قال فأخبرني عن المقسمات أمرا، قال: هي الملائكة ولولا أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوله ما قلته. ثم أمر به فضرب مائة وجعل في بيت فلما برأ دعاه فضربه مائة أخرى، وحمله على قتب، وكتب إلى أبي موسى الأشعري: إمنع الناس من مجالسته، فلم يزالوا كذلك حتى أتى أبا موسى فحلف له بالأيمان المغلظة ما يجد في نفسه مما كان يجد شيئا، فكتب في ذلك إلى عمر، فكتب عمر ما إخاله إلا قد صدق فخل بينه وبين مجالسة الناس - البزار قط في الإفراد وابن مردويه - كر).