لقد تحير كبار علماء السنة ومفسروهم وما زالوا متحيرين إلى يومنا هذا.. فلا هم يستطيعون أن يردوا نظرية الخليفة عمر (الأحرف السبعة) لأنها بتصورهم حديث نبوي رواه عمر.. ولا هم يستطيعون أن يقنعوا بها أحدا، أو يقتنعوا بها هم!!
وسيظلون متحيرين إلى آخر الدهر، لسبب بسيط.. هو أنهم يبحثون عن معنى معقول لمقولة ليس لها معنى معقول!!
من العلماء المتحيرين في هذا الموضوع الإمام ابن جزي المشهود له في التفسير وعلوم القرآن الذي نقل في تاريخ القرآن ص 87 قوله (ولا زلت أستشكل هذا الحديث - أي حديث نزول القرآن على سبعة أحرف - وأفكر فيه وأمعن النظر من نحو نيف وثلاثين سنة حتى فتح الله علي بما يمكن أن يكون صوابا إن شاء الله تعالى، وذلك أني تتبعت القراءات صحيحها وضعيفها وشاذها فإذا هي يرجع اختلافها إلى سبعة أوجه)!!
فترى ابن جزي بعد تفكير أكثر من ثلاثين سنة غير مطمئن إلى ما توصل إليه وإن سماه فتحا علميا ولذا عبر عنه بأنه (يمكن أن يكون صوابا) ومن حقه أن يشك في هذا الفتح، لأن معناه أن نسخة القرآن نزلت من عند الله تعالى مفصلة على حسب قراءات سوف يولد أصحابها! وسوف تكون اختلافاتهم في سبعة وجوه لا أكثر!! فكيف تعقل هذا العالم أن نسخة القرآن نزل بها جبريل مفتوحة لاجتهادات القراء الذين سوف يأتون!! ثم اعتبر ذلك فتحا علميا؟! بالله عليك هل تتعقل أن مؤلفا يؤلف كتابا بسبعة نصوص سوف تظهر على يد أشخاص بعد نشره؟!!
قال السيوطي في الإتقان في علوم القرآن ج 1 ص 172 (وقال ابن حجر: ذكر القرطبي عن ابن حبان، أنه بلغ الاختلاف في الأحرف السبعة إلى خمسة وثلاثين قولا، ولم يذكر القرطبي منها سوى خمسة، ولم أقف على كلام ابن حبان في هذا، بعد تتبعي مظانه. قلت: قد حكاه ابن النقيب في مقدمة تفسيره عنه بواسطة الشرف المزني المرسي. فقال: قال ابن حبان اختلف أهل العلم في معنى الأحرف السبعة على خمسة وثلاثين قولا).
وقال السيوطي في ص 176 (قال ابن حبان: فهذه خمسة وثلاثون قولا لأهل العلم واللغة في معنى إنزال القرآن على سبعة أحرف، وهي أقاويل يشبه بعضها بعضا وكلها محتملة وتحتمل غيرها) انتهى.