ثانيا: إن أسلوب النقاشات المروية فيه بين النبي صلى الله عليه وآله وبين جبرئيل وميكائيل وبقية الملائكة، نسخة طبق الأصل عما يرويه اليهود من نقاشات موسى مع ربه! وأكثرها (اتزانا) لا يمكن قبول مضمونه، وهو ما رواه الترمذي في سننه ج 4 ص 263 تحت عنوان (باب ما جاء أن القرآن أنزل على سبعة أحرف... عن أبي بن كعب قال: لقي رسول الله صلى الله عليه وسلم جبرئيل فقال: يا جبرئيل إني بعثت إلى أمة أميين منهم العجوز والشيخ الكبير والغلام والجارية والرجل الذي لم يقرأ كتابا قط. قال: يا محمد إن القرآن أنزل على سبعة أحرف!) انتهى.
ثالثا: إن التوسعة على الناس والتسامح في نص القرآن مسألة كبيرة وخطيرة، فكيف لم تكن معروفة في زمن النبي صلى الله عليه وآله، ثم عرفت على يد عمر عندما وجدت مشكلة تفاوت القراءات؟!
رابعا: روى الخليفة عمر وغيره أن النبي صلى الله عليه وآله أمر المسلمين أن يأخذوا القرآن من أحد أربعة (أبي بن كعب، وعبد الله بن مسعود، ومعاذ بن جبل، وسالم مولى حذيفة) كما سيأتي في قصة جمع القرآن.. وقراءة القرآن على حرف أو سبعة أو عشرين من صلب مسائل أخذه.. فكان الواجب على الخليفة أن يرجع إلى هؤلاء الأربعة ويقبل القرآن بقراءتهم.. ولكنه رفع شعار هذا الحديث ولم يرجع إليهم لا في أصل تلقي القرآن ولا في حروفه! بل كانت معاملته لهم سلبية شديدة كما سنرى!
خامسا: إذا صحت نظرية عمر في الأحرف السبعة، وأن الله تعالى قد وسع على المسلمين في قراءة نص كتابه، فلماذا حرم الله نبيه من هذه النعمة وألزمه بحفظ القرآن حرفيا بدقة وتشدد معه في ذلك، وكان ينزل عليه كبير ملائكته كل عام مرة ليضبط عليه نص القرآن، وفي سنة وفاته ضبطه عليه مرتين ليتأكد من دقة ضبط النبي لنص القرآن؟!!
ألا يكون ذلك شبيها بقانون يصدره رئيس ويتشدد مع وزيره في ضبط نصه وطباعته، ولكنه بعد نشره للتطبيق يجيز للناس أن يتسامحوا في نصه وأن يقرؤوه بعدة نصوص؟!!