ولا يمكن قبول هذه الرواية لأن راويها عن محمد بن الحنفية عروة بن الزبير وهو معروف ببغضه لعلي عليه السلام، ولأنها تفسير غير منطقي حيث يصير المعنى بموجبها أن النبي على بينة من ربه ويأتي بعده لسانه وبيانه!! فهل يصح في اللغة العربية أن تقول: إن الشخص الفلاني على بصيرة من أمره ويليه لسانه! فلو أنك قلت يتقدمه لسانه لكان له وجه ولو معلول!
ثم قال السيوطي (وأخرج أبو الشيخ من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد رضي الله عنه أفمن كان على بينة من ربه قال هو محمد صلى الله عليه وسلم ويتلوه شاهد منه قال: أما الحسن رضي الله عنه (البصري) فكان يقول: اللسان. وذكر عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه جبريل عليه السلام، ووافقه سعيد بن جبير رضي الله عنه قال هو جبريل. وأخرج أبو الشيخ عن عطاء رضي الله عنه ويتلوه شاهد منه قال:
هو اللسان ويقال أيضا جبريل. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه من طرق عن ابن عباس رضي الله عنهما أفمن كان على بينة من ربه قال: محمد، ويتلوه شاهد منه قال جبريل، فهو شاهد من الله بالذي يتلو من كتاب الله الذي أنزل على محمد) انتهى.
وجبرئيل عليه السلام شاهد على الأمة ولكنه مع النبي وليس يتلوه بعده؟! وقد حاول بعضهم أن يصحح ذلك ففسر يتلوه بالقراءة وأرجع ضميره على البينة لا على النبي.. وقال كان اللازم أن يقول يتلوها ولكن تذكير الضمير باعتبار أن البينة تشتمل على القرآن... ولكنه تمحل، لأنه أولا، لا يصح تفسير (يتلوه) هنا بالقراءة لمقابلتها ب (ومن بعده)؟! قال الراغب في المفردات ص 75 (ويتلوه شاهد منه: أي يقتدي به ويعمل بموجب قوله).
وثانيا، لأن البينة من ربه أعم من القرآن، ولم نعهد في القرآن موردا أرجع فيه الضمير المذكر على لفظ مؤنث بحجة اشتماله على مذكر!
وثالثا، لو سلمنا، فكيف يصح وصف جبرئيل بأنه منه؟ فهل جبرئيل من النبي أو من المتلو؟!