يقصد الطبري أن قراءة الفتح على الموصولية أصح من قراءة الجر. وقراءة قراء الأمصار أصح من قراءة الخليفة عمر ومن تبعه من كبار القراء والمفسرين القدماء..
والخبر الذي نفاه الطبري وقال لا أصل له عند الثقات من أصحاب الزهري هو الخبر المروي عن الخليفة عمر، ولكن رواية القراءة بالكسر عن عمر ليست محصورة بطريق الزهري، مع أنه يكفي أن أول من اخترع الكسر في الآية هو رواية الخليفة عمر!
أما الفخر الرازي فقد عجز عن تفسير الآية أو هرب من معركتها! فاكتفى في تفسيره ج 19 ص 69 بذكر الأقوال في تفسيرها بناء على قراءة الفتح وبناء على قراءة الكسر، ولم يستطع ترجيح أي قول منها، فقال (والله تعالى أعلم بالصواب).
وهكذا فرض مفسروا إخواننا السنة أن المقصود بالكتاب في الآية التوراة والإنجيل، ودارت أقوالهم بين أن يكون الذي عنده علم الكتاب عبد الله بن سلام أو غيره من أمثاله! وتركز جهدهم على إبعاد (الكتاب) عن القرآن!
وإن سألتهم: حسنا هذا عن علم التوراة والإنجيل، فأين الذي عنده علم القرآن؟
لقالوا: لا يوجد بعد النبي عند أحد! أو يوجد عند الأمة كلها! أو يوجد عند فلان وفلان الصحابي الذي يتحير في قراءة آية، وفي معنى مفرداتها!
وهكذا استطاعت السياسة المعادية لأهل بيت النبي صلى الله عليه وآله أن تشوش معنى الآية في مصادر التفسير، وتحول البحث فيها من معرفة المقصود بقوله تعالى ومن عنده علم الكتاب إلى البحث في (من) وهل هي موصولة أو جارة، فإن كانت جارة كما يرى الخليفة عمر فالمقصود الله تعالى ويكون معنى الآية قل كفى بالله شهيدا بيني وبينكم، وبالله!! وإن كانت موصولة كما اختاره الطبري فالمقصود بها عبد الله بن سلام، فهو الشاهد الذي ارتضاه الله تعالى شاهدا على الأمة الإسلامية والعالم!! ولك الله يا علي بن أبي طالب!
وعندما نرجع إلى حياة عبد الله بن سلام الذي ادعوا أنه الشاهد الرباني على الأمة، نجد أن تعصبه اليهودي لا يجعله أهلا لهذه المسؤولية الضخمة، فقد روى الذهبي عنه أنه استجاز النبي صلى الله عليه وآله في أن يقرأ القرآن ليلة والتوراة ليلة.. فأجازه النبي صلى الله عليه وآله!!