ثم قال (وقال آخرون هو ملك يحفظه) وأورد ست روايات!
ثم قال الطبري (وأولى هذه الأقوال التي ذكرناها بالصواب في تأويل قوله ويتلوه شاهد منه قول من قال هو جبرئيل لدلالة قوله ومن قبله كتاب موسى إماما ورحمة على صحة ذلك، وذلك أن نبي الله صلى الله عليه وسلم لم يتل قبل القرآن كتاب موسى فيكون ذلك دليلا على صحة قول من قال عنى به لسان محمد صلى الله عليه وسلم أو محمد نفسه، أو على قول من قال عنى به عليا، ولا يعلم أن أحدا كان تلا ذلك قبل القرآن أو جاء به ممن ذكر أهل التأويل أنه عنى بقوله ويتلوه شاهد منه غير جبرئيل عليه السلام.
فإن قال قائل: فإن كان ذلك دليلك على أن المعني به جبرئيل فقد يجب أن تكون القراءة في قوله ومن قبله كتاب موسى بالنصب لأن معنى الكلام على ما تأولت يجب أن يكون: ويتلو القرآن شاهد من الله، ومن قبل القرآن كتاب موسى؟
قيل: إن القراء في الأمصار قد أجمعت على قراءة ذلك بالرفع فلم يكن لأحد خلافها، ولو كانت القراءة جاءت في ذلك بالنصب كانت قراءة صحيحة ومعنى صحيحا.
فإن قال: فما وجه رفعهم إذن الكتاب على ما ادعيت من التأويل؟
قيل: وجه رفعهم هذا أنهم ابتدؤا الخبر عن مجئ كتاب موسى قبل كتابنا المنزل على محمد فرفعوه بمن قبله والقراءة كذلك، والمعنى الذي ذكرت من معنى تلاوة جبرئيل ذلك قبل القرآن، وأن المراد من معناه ذلك، وإن كان الخبر مستأنفا على ما وصفت اكتفاء بدلالة الكلام على معناه!
وأما قوله إماما فإنه نصب على القطع من كتاب موسى، وقوله ورحمة عطف على الإمام كأنه قيل ومن قبله كتاب موسى إماما لبني إسرائيل يأتمون به ورحمة من الله تلاه على موسى، كما حدثناه ابن وكيع قال ثنا أبي عن أبيه عن منصور عن إبراهيم في قوله ومن قبله كتاب موسى قال من قبله جاء بالكتاب إلى موسى، وفي الكلام محذوف قد ترك ذكره اكتفاء بدلالة ما ذكر عليه منه وهو أفمن كان على بينة من ربه ويتلوه شاهد