وقد أثار هذا التحريف حفيظة الأنصار ولا شك، لأنه الله تعالى جعلهم على قدم المساواة مع المهاجرين وإن ذكر اسمهم بعدهم.. ويريد الخليفة عمر أن يجعلهم تابعين لهم!!
أما زيد بن ثابت (الأنصاري) فقد سلم للخليفة (فقال له زيد بن ثابت: والذين.
فقال عمر: الذين؟ فقال زيد: أمير المؤمنين أعلم!) ولو وقف زيد في وجه الخليفة ولم يخف من سطوته، لربح المعركة لأن كل الأنصار سيقفون إلى جانبه، وسيؤيدهم أهل البيت عليهم السلام، وعدد من المسلمين الذين لا يسمحون للخليفة أن يحرف آية من كتاب الله تعالى!! ولكن زيدا صغير السن ضعيف الشخصية، وقد وبخه أبي بن كعب يوما بأنه نشأ مع صبيان اليهود وكان يلعب معهم، وقد يكون منزله في محلتهم، فقد تعلم العبرية منهم! بل قد يكون أبوه يهوديا وأمه أنصارية، فقد قال ابن شبة في تاريخ المدينة ج 3 ص 1008 (حدثنا الحماني قال، حدثنا شريك، عن ابن إسحاق، عن أبي الأسود - أو غيره - قال: قيل لعبد الله ألا تقرأ على قراءة زيد؟ قال: مالي ولزيد ولقراءة زيد، لقد أخذت من في رسول الله صلى الله عليه وسلم سبعين سورة، وإن زيد بن ثابت ليهودي له ذؤابتان)!! وسيأتي بحث نسبه في فصل جمع القرآن إن شاء الله تعالى.
أما أبي بن كعب فمع أنه يخاف سطوة الخليفة عمر ويداريه كثيرا.. لكنه أكبر سنا من عمر ويرى أنه من صحابة النبي المقربين، وحافظ القرآن، ولذا سجلت له الروايات مواقف في مقابل الخليفة ومنها هذا الموقف في هذه المسألة التي تمس كيان الأنصار!
وقد يحاول البعض الدفاع عن الخليفة بأن المسألة منه مجرد اشتباه، وقد رجع عنه عندما شهد له ابن كعب!
ولكن منطق التغيير الذي أراده الخليفة في الآية، ومنطق وجود المهاجرين في مدينة الأنصار، ومواقف الخليفة من الأنصار في حياة النبي صلى الله عليه وآله، وفي السقيفة وبعدها، وتأكيده وشهادته أن الآية نزلت بدون واو.. كلها تدل على أن المسألة كانت جدية وحامية، وأن أبيا كان يتكلم وهو مسنود بإجماع الأنصار واستعدادهم للدفاع عن هذا الامتياز الذي منحهم إياه الله تعالى حتى لو احتاج الأمر إلى السلاح، كما تذكر بعض المصادر!