وبعد اتفاق المسلمين على هذا الأصل الذي نص عليه القرآن اختلفوا في شروطه، فقال الأئمة من أهل البيت عليهم السلام: يشترط أن يرضع الطفل من تلك المرأة رضاعا متصلا خمس عشرة رضعة، أو يكون الرضاع بحيث ينبت به لحم الطفل ويشتد عظمه، وأن لا يكون للطفل غذاء آخر غير الحليب، وأن يكون الطفل في سن الرضاعة لا أكبر.. فإذا اختلت الشروط فلا أثر للرضاع.
أما المذاهب الأخرى فتساهلوا في شروط الرضاعة، وكان أول المتساهلين في عدد الرضعات عبد الله بن عمر ولا يبعد أن يكون ذلك مذهب أبيه، فقال إن الرضعة الواحدة توجب التحريم.. قال السيوطي في الدر المنثور ج 2 ص 135:
(وأخرج عبد الرزاق عن ابن عمر أنه بلغه عن ابن الزبير أنه يؤثر عن عائشة في الرضاعة لا يحرم منها دون سبع رضعات. قال: الله خير من عائشة إنما قال الله تعالى وأخواتكم من الرضاعة ولم يقل رضعة ولا رضعتين. وأخرج عبد الرزاق عن طاووس أنه قيل له إنهم يزعمون أنه لا يحرم من الرضاعة دون سبع رضعات ثم صار ذلك إلى خمس. قال قد كان ذلك فحدث بعد ذلك أمر جاء التحريم المرة الواحدة تحرم.
وأخرج بن أبي شيبة عن ابن عباس قال: المرة الواحدة تحرم.
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن عمر قال: المصة الواحدة تحرم) انتهى.
أما أم المؤمنين عائشة فقالت: نزل في القرآن آية تحدد الرضاعة بعشر رضعات، ثم نسخت ونزلت آية تكتفي بخمس رضعات وأن تلك الآية كانت حتى توفي النبي صلى الله عليه وآله تقرأ في القرآن وكانت مكتوبة عندها على ورقة وموضوعة تحت سريرها، ولكنها انشغلت بوفاة النبي وبعدها فدخلت سخلة وأكلت الورقة!
ولكن التساهل الأكبر الذي به صارت عائشة أشهر المتساهلين في المسألة هو تعميمها الرضاع للكبار! فيمكن للرجل الكبير أن يرضع من أي امرأة فيكون ابنها ويصير أقاربها أقاربه ومن المحرمات عليه فيدخل عليهن بدون حجاب!
وكانت عائشة تعمل بذلك فترسل الرجل الذي تريده أن يدخل عليها إلى إحدى قريباتها فترضعه خمس رضعات فيصير محرما ويدخل عليها بدون حجاب.. وقد ذكر