هناك على طول التاريخ عظماء كثيرون لم يحظوا بزوجات تناسب شأنهم واهتماماتهم، ونتيجة لعدم توفر الشروط اللازمة بزوجاتهم، فقد ظلوا يعانون من ذلك كثيرا، وقد ذكر لنا القرآن الكريم نماذج من هذه المعاناة وقعت للأنبياء العظام.
وربما توضح الآيات السابقة أن معاناة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) من بعض أزواجه كانت من هذا القبيل، فنظرا لوجود الغيرة والتسابق فيما بينهن كن يسببن متاعب للنبي الكريم. فقد كن أحيانا يعترضن عليه أو يفشين سره، الأمر الذي جعل القرآن الكريم يوجه لهن خطابا مباشرا بالتوبيخ وأصدر أقوى البيانات في هذا المجال، حتى أنه هددهن بالطلاق. وقد لاحظنا الرسول قد غضب على زوجاته وأظهر عدم رضاه لمدة شهر تقريبا بعد نزول هذه الآيات أملا في إصلاحهن.
ويمكن أن نلاحظ بشكل واضح - من خلال حياة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) - أن بعض زوجاته لم يدركن مقام النبوة فحسب، بل قد يتعاملن معه كإنسان عادي، وأحيانا يتعرضن له بالإهانة.
وبناء على هذا فإنه لا معنى للإصرار على أن جميع زوجات الرسول كن على قدر عال من الكمال واللياقة، خصوصا مع الأخذ بالاعتبار صراحة الآيات السابقة.
ولم يكن هذا المعنى مقتصرا على حياة الرسول فقط، فبعد وفاته نقل لنا التاريخ أمثلة مشابهة، خاصة في قصة حرب الجمل والموقف من خليفة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وما جرى من أمور ليس هنا مجال الخوض فيها.
ومن الواضح أن الآيات السابقة تقول بشكل صريح: إن الله سيعطي النبي زوجات صالحات تتوفر فيهن الصفات المذكورة في الآيات إذا طلقكن وسرحكن، وهذا يكشف عن أن هناك من زوجات الرسول ممن لا تتوفر فيهن تلك الصفات والشروط.