وأما ما احتمله بعض المفسرين من أن المقصود بالنقصان هو نقض أرض الكفار وإضافتها إلى أرض المسلمين، فلا نراه صحيحا إذا ما أخذنا بنظر الاعتبار أن السورة مكية، لأن الفتوحات في ذلك الوقت لم تكن موجودة حتى يراها الكفار أو يشير إليها القرآن الكريم.
وأما ما قاله بعض المفسرين الذين غرقوا في العلوم الطبيعية، من أن الآية أعلاه تشير إلى نقص الأرض من ناحية القطبين واستواؤها في خط الاستواء، فهذا كذلك نراه بعيدا عن الواقع، لأن القرآن الكريم ليس في مقام الإشارة إلى ذلك.
ثم يستمر البحث في الآية الثانية ويقول: ليست هذه الفئة فقط نهضت بمكرها ومحاربتها لك، بل وقد مكر الذين من قبلهم. لكن خططهم كشفت، وأجهضت مؤامرتهم بأمر من الله، لأنه أعلم الموجودات بهذه المسائل فلله المكر جميعا ذاك هو العالم بكل شئ و يعلم ما تكسب كل نفس. ثم يحذرهم بصيغة التهديد من عاقبة عملهم ويقول: وسيعلم الكفار لمن عقبى الدار.
الآية الأخيرة من هذا البحث (كما بدأت هذه السورة بكتاب الله والقرآن) تنهي سورة الرعد في التأكيد أكثر على معجزة القرآن يقول تعالى: ويقول الذين كفروا لست مرسلا.
فهم يصطنعون كل يوم عذرا، ويطلبون في كل وقت المعاجز، ثم آخر الأمر يقولون: لست بنبي! قل في جوابهم قل كفى بالله شهيدا بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب فالله سبحانه وتعالى يعلم بأني رسوله، وكذلك هؤلاء لهم المعرفة الكافية بأن القرآن هو كتاب سماوي، فهم يعلمون جيدا أن هذا الكتاب ليس من صنع البشر، ولا يمكن نزوله إلا من قبل الله.
وهذا تأكيد جديد على إعجاز القرآن بمختلف جوانبه وقد ذكرنا ذلك في