الأقوام الذين كانوا أكثر منهم قوة وآثارا قد ألحدوا تحت الثرى حتى العلماء والعظماء - الذين هم قوام الأرض - التحقوا بالرفيق الأعلى.
فهل أن هذا القانون العام للحياة الذي يسري على جميع الأفراد وكل المجتمع البشري صغيره وكبيره، غير كاف لإيقاظهم وتفهيمهم أن هذه الأيام القلائل للحياة ليست أبدية؟!
ثم يضيف: والله يحكم لا معقب لحكمه وهو سريع الحساب ولذلك فإن قانون الفناء مكتوب على جبين كل الأفراد والأمم من جهة، ومن جهة أخرى لا يستطيع أحد أن يغير هذا الحكم ولا الأحكام الأخرى، ومن جهة ثالثة أن حساب العباد سريع جدا، وبهذا الترتيب يكون جزاؤه قاطعا.
وقد جاءت في روايات متعددة في تفسير " البرهان " و " نور الثقلين " وسائر منابع الحديث، إن تفسير الآية أعلاه هو " فقدان العلماء " لأن فقدهم نقصان الأرض ونقص المجتمع الإنساني.
ونقل المفسر الكبير الطبرسي عن الإمام الصادق (عليه السلام) في تفسير هذه الآية قال: " ننقصها بذهاب علمائها، وفقهائها وخيارها " (1).
ونقرأ في حديث آخر أن " عبد الله بن عمر " تلا هذه الآية حين استشهد أمير المؤمنين علي (عليه السلام) إنا نأتي الأرض ننقصها من أطرافها.
ثم قال: " يا أمير المؤمنين، لقد كنت الطرف الأكبر في العلم، اليوم نقص علم الإسلام ومضى ركن الإيمان ".
إن للآية - بدون شك - معنى واسعا كما قلنا، وهي تشمل كل نقص في ذهاب الأفراد والمجتمع وأهل الأرض، وإنذار لكل الناس، الصالح منهم والطالح، حتى العلماء الذين يشكلون أركان المجتمع البشري يكون موت أحدهم أحيانا نقصانا للدنيا، فهذا إنذار بليغ وساطع.