الأنبياء لقومهم، لا لأنهم أفراد قبيلته وقومه فحسب، بل إضافة إلى ذلك فإنه يريد الخير لهم. ويتحرق قلبه عليهم، فمثله مثل الأخ الودود.
و " مدين " على وزن " مريم " اسم لمدينة شعيب وقبيلته، وتقع المدينة شرق خليج العقبة، وأهلها من أبناء إسماعيل، وكانوا يتاجرون مع أهل مصر ولبنان وفلسطين.
ويطلق اليوم على مدينة " مدين " اسم " معان " ولكن بعض الجغرافيين أطلقوا اسم مدين على الساكنين بين خليج العقبة وجبل سيناء.
وورد في التوراة أيضا اسم " مديان " ولكن تسمية لبعض القبائل، وطبيعي أن اطلاق الاسم على المدينة وأهلها أمر رائج (1).
هذا النبي وهذا الأخ الودود المشفق على قومه - كأي نبي في أسلوبه وطريقته في بداية الدعوة - دعاهم أولا إلى ما هو الأساس والعماد والمعتقد وهو " التوحيد " وقال: يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره.
لأن الدعوة إلى التوحيد دعوة إلى هزيمة جميع " الطواغيت " والسنن الجاهلية ولا يتيسر أي إصلاح اجتماعي أو أخلاقي بدونه.
ثم أشار إلى أحد المفاسد الاقتصادية التي هي من افرازات عبادة الأصنام والشرك، وكانت رائجة عند أهل مدين يومئذ جدا، وقال: ولا تنقصوا المكيال أي حال البيع والشراء.
و " المكيال " و " الميزان " من أدوات الوزن يعرف بهما وزن المبيع ومقداره، ونقصانه يعني عدم إيفاء حقوق الناس والبخس في البيع.
ورواج هذين الأمرين بينهم يدل على عدم النظم والحساب والميزان في أعمالهم ونموذجا للظلم والجور والإجحاف في ذلك المجتمع الثري.
ويشير هذا النبي العظيم بعد هذا الأمر إلى علتين: