فبما إنهم كانوا يتصورون أن عبادة الأصنام من آثار سلفهم الصالح، ودلالة على أصالة ثقافتهم، وكانوا لا يرفعون اليد عن الغش في المعاملة وتحقيق الربح الوفير عن هذا الطريق قالوا يا شعيب أصلاتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا ونترك حريتنا في التصرف بأموالنا فلا نستطيع الاستفادة منها أو أن نفعل في أموالنا ما نشاء إن هذا بعيد منك إنك أنت الحليم الرشيد؟!
وهنا ينقدح هذا السؤال وهم لم سألوه عن الصلاة وأظهروا اهتمامهم بها؟!
قال بعض المفسرين: كان ذلك لأن شعيبا كان يكثر من صلاته ويقول للناس:
إن الصلاة تنهى صاحبها عن الفحشاء والمنكرات.
ولكن هؤلاء الأغبياء الذين لم يعرفوا السر والعلاقة بين الصلاة وترك المنكرات، كانوا يسخرون من شعيب وكانوا يقولون له: أهذه الأذكار والأوراد والحركات التي تقوم بها تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا ونهمل سنة السلف وثقافتنا التقليدية أو أن نسلب اختيارنا من التصرف بأموالنا كيف شئنا؟!
واحتمل البعض أن " الصلاة " إشارة إلى العقيدة والدين، لأنها عبارة عن المظهر البارز للدين.
وعلى كل حال لو كان أولئك يفكرون جيدا لأدركوا هذا الأمر الواقعي وهو أن الصلاة توقظ في الإنسان الإحساس بالمسؤولية والتقوى ومخافة الله ومعرفة الحقوق، وتذكره بالله وبمحكمة عدل الله، وتنفض عن قلبه غبار حب الذات وعبادة الذات! وتصرفه عن هذه الدنيا المحدودة والملوثة إلى عالم ما وراء الطبيعة، إلى عالم الصالحات وتزكية النفس، ولذلك فهي تخلصه من الشرك وعبادة الأصنام والتقليد الأعمى للسلف الجاهل وبخس الناس أشياءهم، وعن أنواع الغش والخداع... الخ.
كما ينقدح هنا سؤال آخر، وهو: إن قولهم لشعيب إنك لأنت الحليم