العلة الأولى: هي قوله إني أراكم بخير.
يقول أولا: إن قبول نصحي يكون سببا لتفتح أبواب الخير عليكم وتقديم التجارة وهبوط سطح القيمة واستقرار المجتمع.
ويحتمل أيضا في تفسير هذه الجملة إني أراكم بخير أن شعيبا يقول لهم:
إني أراكم منعمين وفي خير كثير، فعلى هذا لا مدعاة لعبادة الأصنام وإضاعة حقوق الناس والكفر بدلا من الشكر على نعم الله سبحانه.
وثانيا: وإني أخاف عليكم عذاب يوم محيط بسبب إصراركم على الشرك والتطفيف في الوزن وكفران النعمة... الخ.
وكلمة " محيط " جاءت صفة ليوم، أي يوم شامل ذو إحاطة، وشمول اليوم يعني شمول العذاب والعقاب في ذلك اليوم، وهذا التعبير فيه إشارة إلى عذاب الآخرة كما يشير إلى عقاب الدنيا الشامل.
فعلى هذا لا أنتم بحاجة إلى مثل هذه الأعمال، ولا ربكم غافل عنكم، فينبغي اصلاح أنفسكم عاجلا.
والآية الأخرى تؤكد على نظامهم الاقتصادي، فإذا كان شعيب قد نهى قومه عن قلة البيع والبخس في المكيال، فهنا يدعوهم إلى إيفاء الحقوق والعدل والقسط حيث يقول: ويا قوم أوفوا المكيال والميزان بالقسط.
ويجب أن يحكم هذا الأصل " وهو إقامة القسط والعدل، وإعطاء كل ذي حق حقه " على مجتمعكم بأسره.
ثم يخطو خطوة أوسع ويقول: ولا تبخسوا الناس أشياءهم و " البخس " ومعناه في اللغة التقليل، وجاء هنا بمعنى الظلم أيضا. ويطلق على الأراضي المزروعة دون سقي " إنها بخس " لأن ماءها قليل، حيث تعتمد على ماء المطر فحسب، أو أن هذه الأراضي قليلة الإنتاج بالنسبة إلى الأراضي الزراعية الأخرى.