وأفتخر به أمام الآخرين (1).
3 3 - الشكر على الانتصار:
إن الآيات السابقة تعلمنا بجلاء ووضوح درسا من دروس الأخلاق الإسلامية، وهو أنه بعد الانتصار على العدو وكسر شوكته لابد أن لا ننسى العفو والرحمة، وأن لا نعامله بقساوة، فإن إخوة يوسف قد عاملوه أشد المعاملة أشرفت به على نهايته وأوصلته إلى أبواب الموت، ولو لم تشمله عناية الله سبحانه وتعالى، لعجز عن الخلاص مما أوقعوه فيه، هذا إضافة إلى المصائب والآلام التي تحملها أبوه، لكنهم الآن جميعا واقفون أمام يوسف وهو السيد المطاع وبيده القوة والقدرة، لكنه عاملهم بلطف وإحسان.
كما أنه يفهم من خلال حديثه معهم أنه لم يحقد عليهم قط، بل الذي يقلقه هو تذكر الإخوة ماضيهم الأسود ويحسوا بالخجل! ولذا حاول جاهدا أن يريحهم من هذا القلق ويزيح هذا الكابوس عن صدورهم، بل أكثر من هذا فإنه حاول أن يفهمهم أن لهم عليه فضلا في مجيئهم إلى مصر والتعرف عليهم، فإنهم كانوا السبب في كشف حقيقته أمام الشعب في هذا البلد، حيث عرف أهل مصر أن عزيزهم هو سليل بيت النبوة والرسالة وليس عبدا بيع في السوق بدراهم معدودات، ومن هنا فإن يوسف كان يرى لهم في ذلك فضلا ومنة!
ومن حسن الصدف أننا نرى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يمتحن بمثل هذه المواقف الحرجة، فمثلا حينما فتح رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) مكة وأذل المشركين وهزمهم وكسر أصنامهم وداس شوكتهم وكبرياءهم، جاء رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) (كما رواه ابن عباس) إلى جوار الكعبة وأخذ بحلقة بابها وكان المشركون قد التجوا إليها هم ينتظرون حكم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فيهم، وقال كلمته المشهورة: " الحمد لله الذي صدق وعده