ثم إن القرآن الكريم يقول: وعلى الأعراف رجال يعرفون كلا بسيماهم يرون كلا من أهل الجنة وأهل النار ويعرفونهم بملامح وجوههم.
و " الأعراف " في اللغة جمع " عرف " بمعنى المحل والموضع المرتفع، ولهذا يطلق على شعر ناصية الفرس، والريش الموجود على عنق الديك لفظ العرف، فيقال " عرف الفرس " أو " عرف الديك "، ومن هذا المنطلق يطلق على المكان المرتفع من البدن لفظ العرف أيضا (وسوف نتحدث بتفصيل حول خصوصيات منطقة الأعراف التي جاء ذكرها في هذه الآية بعد الفراغ من تفسير الآيات).
ثم يقول: إن هؤلاء الرجال ينادون أهل الجنة ويسلمون عليهم، ولكنهم لا يدخلون الجنة وإن كانوا يرغبون في ذلك ونادوا أصحاب الجنة أن سلام عليكم. لم يدخلوها وهم يطمعون.
ولكن عندما ينظرون إلى الطرف الآخر ويشاهدون أهل النار يصطلون فيها، يتضرعون إلى الله طالبين أن لا يجعلهم مع الظالمين وإذا صرفت أبصارهم تلقاء أصحاب النار قالوا ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين (1).
والجدير بالذكر أنه استخدم في رؤية أهل النار في الآية لفظة وإذا صرفت أبصارهم يعني عندما تعطف أبصارهم نحو جهنم لمشاهدة أهلها، وهذه إشارة إلى أنهم يكرهون مشاهدة أهل النار، وكأن نظرهم إليهم مقرون بالإكراه والإجبار.
وفي الآية اللاحقة يضيف: إن أصحاب الأعراف ينادون فريقا من الجهنميين الذين يعرفونهم بملامح وجوههم ويلومونهم قائلين: أما ترون أن جمعكم للأموال والأفراد والتجبر والتكبر عن قبول الحق لم ينفعكم شيئا، فأين تلك الأموال وأولئك الأعوان؟ وماذا حصدتم من تلك المواقف والصفات السيئة؟!