خيانة. (1) وفي الحقيقة إن من أكبر عوامل الشقاء التي يعاني منها الناس في هذه الحياة، ومصدر الكثير من الصراعات الاجتماعية الواسعة التي تؤدي - مضافا إلى الخسائر الفادحة في المال والنفس - إلى زعزعة الاستقرار الروحي، هو الحسد والحقد.
فنحن نعرف الكثير ممن لا ينقصهم شئ في الحياة، ولكنهم يعانون من الحسد والحقد للآخرين، وهو عذابهم الوحيد الذي يعكر صفو حياتهم ويضيق عليهم رحبها، ويترك معيشة هؤلاء المرفهين ساحة تجوال عساكر الحزن والغم، وتدفعهم إلى سلوكيات مرهقة وغير منطقية.
إن أهل الجنة معافون من هذه الشقاوات والمحن بالكلية، لأنهم لا يتصفون بهذه الصفات القبيحة، فلا حسد ولا حقد في قلوبهم، ولهذا لا يتعرضون لعواقبها النكرة. إنهم يعيشون معا في منتهى التواد والتحابب والصفاء والسكينة.
إنهم راضون عن وضعهم الذي هم فيه، حتى الذين يعيشون في مراتب أدنى من الجنة لا يحسدون من فوقهم أبدا، ولهذا تنحل أعظم مشكلة تعترض طريق التعايش السلمي.
ولقد نقل بعض المفسرين حديثا في المقام عن السدي قال: " إن أهل الجنة إذا سيقوا إلى الجنة وجدوا عند بابها شجرة في أصل ساقها عينان فيشربون من إحداهما فينزع ما في صدورهم من غل، فهو الشراب الطهور، واغتسلوا من الأخرى فجرت عليهم نضرة النعيم، فلن يشعثوا ولن يشحبوا بعدها أبدا " (2).
إن هذا الحديث وإن لم ينته سنده إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والأئمة (عليهم السلام) وإنما رواه أحد المفسرين وهو " السدي " ولكنه لا يبعد أن يكون قد روي عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في