وزوجه، والفرد وعشيرته أو قبيلته، وهكذا.
فإذا كان القرار أن يجاهد الجميع المشركين فلابد أن يغمضوا أعينهم عن أرحامهم وأقاربهم وعشيرتهم الخ. هذا كله من جهة.
ثم ومن جهة أخرى كانت رؤوس الأموال والقدرة التجارية بيد المشركين تقريبا، ولهذا يسبب تردد المشركين إلى مكة ازدهار التجارة.
ومن جهة ثالثة كان للمسلمين في مكة بيوت عامرة نسبيا، فإذا قاتلوا المشركين فمن المحتمل أن يهدمها المشركون، أو تفقد قيمتها إذا عطل المشركون مراسم الحاج ومناسكه بمكة.
فالآيتان - محل البحث - ناظرتان إلى مثل هؤلاء الأشخاص، وتردان عليهم ببيان صريح، فتقول الآية الأولى منهما: يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا آباءكم وإخوانكم أولياء ان استحبوا الكفر على الإيمان.
ثم تعقب - على وجه التأكيد - مضيفة: ومن يتولهم منكم فأولئك هم الظالمون.
وأي ظلم أسوأ من أن يظلم الإنسان نفسه بتعلقه بأعداء الحق والمشركين، ويظلم مجتمعه، ويظلم نبيه أيضا؟!
أما الآية التالية فهي تتناول هذا الموضوع بنحو من التفصيل والتأكيد والتهديد والتقريع، فتخاطب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ليعنف أولئك الذين لا يرغبون في جهاد المشركين لما ذكرناه آنفا، فتقول قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتى يأتي الله بأمره.
ولما كان ترجيح مثل هذه الأمور على رضا الله والجهاد في سبيله، يعد نوعا من العصيان والفسق البين، وإن من تشبث قلبه بالدنيا وزخرفها وزبرجها غير جدير بهداية الله، فإن الآية تعقب في الختام قائلة والله لا يهدي القوم