عهد عند الله وعند رسوله؟!
أي أنهم لا ينبغي لهم أن يتوقعوا أو ينتظروا الوفاء بالعهد من قبل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ومن جانب واحد، في وقت تصدر منهم المخالفات وعدم الوفاء بالعهد.
ثم استثنت الآية مباشرة أولئك الذين لم ينقضوا عهدهم، بل بقوا أوفياء له، فقالت: إلا الذين عاهدتم عند المسجد الحرام فما استقاموا لكم فاستقيموا لهم إن الله يحب المتقين.
وفي الآية التالية يثار هذا الموضوع بمزيد الصراحة والتأكيد، ويستفهم عنه استفهاما إنكاريا أيضا، إذ تقول الآية: كيف وإن يظهروا عليكم لا يرقبوا فيكم إلا ولا ذمة.
وكلمة " الإل " معناها القرابة، وقال بعضهم: إنها تعني هنا العهد والميثاق.
فعلى المعنى الأول أي " القرابة " يكون المراد من ظاهر الآية أنه بالرغم من أن قريشا تربطها برسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وبعض المسلمين علاقة قربى، إلا أنها لا ترقب هذه القرابة أو الرحم ولا ترعى حرمتها، فكيف إذن تتوقع من النبي والمسلمين احترام علاقتهم بها.
وعلى المعنى الثاني تكون كلمة " إل " مؤكدة بكلمة (ذمة) وتعني العهد والميثاق أيضا، قال الراغب في المفردات: إن " الإل " كل حالة ظاهرة من عهد حلف وقرابة تئل (أي تلمع) فلا يمكن إنكاره (1).
وتضيف الآية معقبة بأن هؤلاء يريدون أن يخدعوكم بألفاظهم المزوقة فقالت: يرضونكم بأفواههم وتأبى قلوبهم.
لأن قلوبهم مليئة بالحقد والقسوة وطلب الانتقام وعدم الاعتناء بالعهد وعلاقة القربى، وإن أظهروا المحبة بألسنتهم.