وفي نهاية الآية إشارة إلى جذر هذا الموضوع وأساسه وهو فسقهم، فتقول:
وأكثرهم فاسقون.
وفي الآية التالية بيان لبعض علائم فسقهم وعصيانهم، إذ أعربت الآية عن ذلك على النحو التالي اشتروا بآيات الله ثمنا قليلا فصدوا عن سبيله.
وقد جاء في بعض الروايات أن أبا سفيان أقام مأدبة ودعا إليها جماعة من الناس، ليثير حفيظتهم وعداوتهم بوجه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عن هذا الطريق.
ويعتقد بعض المفسرين أن الآية محل البحث تشير إلى هذه القصة، إلا أن الظاهر أن الآية ذات مفهوم واسع يشمل هذه القصة وما شاكلها حيث أغمضوا أعينهم وصدوا عن سبيل الله وآياته من أجل منافعهم المادية التي لا تدوم طويلا.
ثم تعقب الآية بالقول: إنهم ساء ما كانوا يعملون فقد خسروا طريق السعادة وضيعوها، وحرموا الهداية، وهم في الوقت ذاته أوصدوا الطريق بوجه الآخرين، وأي عمل أسوأ من أن يحمل الإنسان وزره ووزر سواه!
أما في آخر آية من الآيات - محل البحث - فهي تأكيد آخر على ما ورد في الآيات المتقدمة، إذ تقول الآية: لا يرقبون في مؤمن إلا ولا ذمة.
وهذه الخصلة فيهم لم يبتل بها المؤمنون فحسب بل يعتدون على كل من تناله أيديهم وأولئك هم المعتدون.
وبالرغم من أن مضمون هذه الآية تأكيد لما سبق من الآيات المتقدمة، إلا أن هناك فرقا بينهما، حيث كان الكلام في ما سبق على عدم رعاية المشركين حرمة لخصوص النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وأصحابه المتقين حوله كيف وان يظهروا عليكم لا يرقبوا فيكم إلا ولا ذمة أما الآية محل البحث فالكلام فيها عن عدم رعايتهم حرمة لكل مؤمن لا يرقبون في مؤمن إلا ولا ذمة.
أي إن المشركين لا ينظرون إليكم (النبي والخواص من الصحابة) نظرة تمتاز عن سواكم بل هذه النظرة - نظرة العداء والبغضاء - ينظر بها المشركون إلى