وتبدأ الآيات فتعرف هذه الطائفة بأنها شر الأحياء الموجودة في هذه الدنيا فتقول: إن شر الدواب عند الله الذين كفروا فهم لا يؤمنون.
ولعل التعبير ب الذين كفروا يشير إلى أن كثيرا من يهود المدينة كانوا يعلنون حبهم للنبي وإيمانهم به قبل أن يظهر (صلى الله عليه وآله وسلم) وفقا لما وجدوه مكتوبا عنه في كتبهم، حتى أنهم كانوا يدعون الناس ويمهدون الأمور لظهوره. ولكنهم وبعد أن ظهر وجدوا أن مصالحهم المادية مهددة بالخطر، فكفروا به وأظهروا عنادا شديدا في هذا الأمر حتى لم تبق بارقة أمل بإيمانهم، وكما يقول القرآن الكريم: فهم لا يؤمنون.
وتقول الآية الأخرى: الذين عاهدت منهم ثم ينقضون عهدهم في كل مرة (1). والمغروض أن يراعوا الحياد على الأقل فلا يكونوا بصدد الاضرار بالمسلمين وإعانة الأعداء عليهم.
فلاهم يخافون الله تعالى، ولا يحذرون من مخالفة أوامره، ولا يراعون القواعد والأصول الانسانية: وهم لا يتقون.
والتعبير ب " ينقضون " و " لا يتقون " وهما فعلان مضارعان، هذا التعبير بهما يدل على الاستمرار، كما أنه يدل على أنهم قد نقضوا عهودهم مرارا. (2) والآية بعدها توضح كيفية أسلوب مواجهة هؤلاء فتقول: فإما تثقفنهم في الحرب فشرد بهم من خلفهم أي قاتلهم بشكل مدمر بحيث أن الطوائف القابعة خلفهم لإمدادهم يعتبروا بذلك ويتفرقوا عنهم.
وكلمة " تثقفنهم " مأخوذة من مادة " الثقف " على زنة " السقف " بمعنى بلوغ