وميولهم الدنيوية (والإخلاد إلى الأرض) ويضعون كل طاقاتهم الفكرية في سبيل الطاغوت الذي يعمل ما في وسعه لاستغلال مثل هذه الشخصيات لإغفال وإضلال عامة الناس.
ولا يختص الأمر بزمن النبي موسى (عليه السلام) أو غيره من الأنبياء، بل حتى بعد عصر النبي الكريم (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى يومنا هذا نجد أمثال بلعم بن باعوراء وأبي عامر الراهب وأمية بن الصلت، يضعون علومهم ومعارفهم ونفوذهم الاجتماعي من أجل الدرهم والدينار، أو المقام، أو لأجل الحسد، تحت اختيار المنافقين وأعداء الحق والفراعنة أمثال بني أمية وبني العباس وسائر الطواغيت.
ويمكن معرفة أولئك العلماء من خلال أوصاف أشارت إليها الآيات محل البحث، فإنهم ممن نسي ربه واتبع هواه، وهم ذوو نزوات سخروها للرذيلة بدل التوجه نحو الله وخدمة خلقه، وبسبب هذا التسافل فقدوا كل شئ ووقعوا تحت سلطة الشيطان ووساوسه، فسهل بيعهم وشراؤهم، وهم كالكلاب المسعورة التي لا ترتوي أبدا، ولهذه الأمور ترك هؤلاء سبيل الحقيقة وضلوا عن الطريق حتى غدوا أئمة الضلال.
ويجب على المؤمنين معرفة مثل هؤلاء الأشخاص والحذر منهم واجتنابهم.
والآيتان التاليتان - كنتيجة عامة وشاملة لقضية - (بلعم) والعلماء الدنيويين فتقول أولاهما ساء مثلا القوم الذين كذبوا بآياتنا وأنفسهم كانوا يظلمون.
فما أفحش ظلم الإنسان لنفسه وهو يسخر ملكاته المعنوية وعلومه النافعة التي بإمكانها أن تعود عليه وعلى مجتمعه بالخير - ويضعها تحت اختيار المستكبرين وأصحاب القدرة الدنيوية ويبيعها بثمن بخس فيؤدي ذلك إلى سقوطه وسقوط المجتمع والآية الأخيرة تحذر الإنسان وتؤكد له أن الخلاص من مثل هذا الانحراف وما يكيده الشياطين لا يمكن إلا بتوفيق وتسديد من الله