فيه أن مفهوم الآيات - كسائر الآيات النازلة في ظروف خاصة - عام وشامل.
والآية الأولى من هذه الآيات يخاطب بها النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) حيث يقول القرآن الكريم واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها فأتبعه الشيطان فكان من الغاوين.
فهذه الآية واضحة أنها تحكي قصة رجل كان في البداية في صف المؤمنين، وحاملا للعلوم الإلهية والآيات، إلا أنه انحرف عن هذا النهج، فوسوس له الشيطان، فكانت عاقبة أمره أن انجر إلى الضلال والشقاء!...
والتعبير ب " إنسلخ " وهو من مادة " الانسلاخ " معناه في الأصل الخروج من الجلد... يدل على أن الآيات والعلوم الإلهية كانت تحيط به إحاطة الجلد بالبدن، إلا أنه خرج منها على حين غرة واستدار إلى الوراء وغير مسيره بسرعة!
كما أن التعبير القرآني " فأتبعه الشيطان " يستفاد منه أن الشيطان كان أول الأمر آيسا منه تقريبا، لأنه كان يسلك سبيل الحق تماما، وبعد أن انحرف لحقه الشيطان وتربص له وأخذ يوسوس له حتى انتهى أمره إلى أن يكون من الضالين المنحرفين الأشقياء (1).
والآية التالية تكمل هذا الموضوع على النحو التالي ولو شئنا لرفعناه بها.
إلا أن من المسلم أن إكراه الناس وإجبارهم على أن يسلكوا سبيل الحق لا ينسجم والسنن الإلهية وحرية الإدارة، ولا يكون ذلك دليلا على عظمة الشخص، لهذا فإن الآية تضيف مباشرة. إننا تركناه وهواه، وبدلا من أن ينتفع من معارفه فإنه هوى وانحط ولكنه أخلد إلى الأرض واتبع هواه.
وكلمة (أخلد) من (الإخلاد) وهي تعني السكن الدائم في مكان واحد مع